fbpx
أهم الأخبارمنتدي الدكاترة

الدكتور عبدالعال البهنسي يكتب: فضيحة ديرب نجم الصحية

استيقظ المصريون من سباتهم علي كارثه مدوية بكل المقاييس وهي وفاة 3 من مرضي الغسيل الكلوي واصابه 13 اخرين بغيبوبة اثناء القيام بعمل جلسات الغسيل الكلوي بمستشفي ديرب نجم.

ولعل ماحدث في ديرب نجم يطرح علينا سؤالاَ في غايه الأهميه والخطورة هل الخدمة الطبية المقدمة للمصريين حقيقيه أم وهمية بل هل الخدمة الطبية  آمنة أم غير آمنة علي مقدم الخدمة ومتلقي الخدمة  ؟!!!

إن الخدمة الصحية المقدمة في مصر لا علاقه لها بمثيلتها التي تقدم في الدول المحترمة والمتقدمة والتي تضع أنظمة قوية لضمان تقديم الخدمة الطبية الصحيحه والآمنه للمريض وتعمل علي تطوير هذه النظم بصفه مستمرة، أما مايحدث في مصر فهو غير العادة  فللأسف الشديد أننا نمثل ونبرع في التمثيل علي المريض البسيط الذي لاحول له ولا قوة ونقنعه أنه يتلقي خدمة طبية حقيقيه وآمنة تضاهي مثيلاتها بالدول المتقدمة.

والحقيقه أننا نخدعه فالخدمة الطبية المقدمه خارج كل المعايير الدولية أو حتي المحلية، فلاجودة ولا مكافحة عدوي ولا آمان للمرضي ولا نظام صحي من الأصل، ولمن سافر لدول عربيه أو أوروبيه يستطيع أن يكتشف بكل بساطه ويسر الحقيقة المرة وما آلت اليه أوضاع الصحة في مصر.

على الرغم من إفتتاح مستشفيات جديده ودخولها الخدمة بنفس الفكر السابق ونفس الإستراتيجية العقيمة التي تسيطر علي العمل الحكومي، فحتى الأن لم تصل نسبة الصحة  في ميزانيه الدولة للنسبة المقررة في الدستور وكأنه حبر علي ورق بل وصل الأمر الي أننا نبرع في زيادة مخصصات الصحة بإضافه بنود ليس لها علاقه بالصحة للخروج من هذا المأزق …

حتي الان لم يتم توفير العدد المناسب والملائم من الأطباء والتمريض لتغطية الخدمة الصحية بكل أنحاء مصر فنجد محافظات بها أعداد رهيبه فوق الحاجه ومحافظات أخري تتمني أن يصل اليها طبيب أو ممرض أو فني  لسد العجز ..حتي الان لم نهتم بمستوي خريج التمريض الذي يمثل عماد الخدمة الصحية  ومازالت مدارس التمريض تُصدر لنا أسوء خريج  واسوء خريجة من الناحية العلمية والتدريبيه والبحثيه ليدخلوا الخدمة ويلحقوا بزملائهم القدامي  ويزداد الامر سوءاَ ..حتي الان مازال الطبيب المصري يعاني أشد المعاناه إبتداء من عدد ساعات العمل المجحف والمرتبات الهزيله وصعوبة التسجيل للدراسات العليا ناهيك عن منعه من السفر في فترة زمنية سابقه بحجة حاجه العمل وتطبيق القانون …حتي الان مازال القطاع الصحي الخاص يتوغل أكثر من القطاع الحكومي في غياب تام للدولة منذ أكثر من 30 سنة مما يضطر المريض البسيط الي أن يبيع الغالي والنفيس وكل مايملك من أجل الحصول علي الخدمة الطبية بالقطاع الخاص.

ولعل قوائم الإنتظار التي أمر السيد الرئيس بالإنتهاء منها وجمع شمل وزارة الصحة وزارة التعليم العالي ومستشفيات الجيش والشرطة علي قلب رجل واحد لأول مرة  من أجل إنجاز هذه المهمه لرد الحقوق الي أصحابها وعلاج هؤلاء المرضي البسطاء الذي لاحول لهم ولاقوة فقد أثبتت قوائم الإنتظار أيضا أن مايحدث وما كان يحدث في القطاع الصحي المصري  لهو مسرحية هزلية ولابد من محاسبة المسؤلون عن تفاقم هذه الأعداد وعدم وضع نظام يضمن لهم تلقي الخدمة حتي ولو بموعد حقيقي في المستقبل كما يحدث في كل الدول.

وأتسأل أين بروتوكول التعاون الذي أبرمته وزارة الصحة منذ 3 سنوات مع إنجلترا لتدريب الأطباء وكم طبيب سافر للتدريب وأين هؤلاء الأطباء الان أم أنه كان حبراَ علي ورق ولم ينفذ لاننا أيضا بارعون في التمثيل وخلق المسرحيات الهزليه التي لاتعود بأي فائدة في النهاية علي القطاع الصحي بل أتسأل من المسئول عما آلت اليه أوضاع الدواء في مصر من نقص في الأصناف الحيوية  وغلاء الاسعار بل أتسأل كيف أنتشرت الأدوية الفاسدة والمسرطنة في أنحاء مصر بما يحقق عدم الامان الصحي.

فعن أي خدمة صحية عالمية  تتحدثون وكل أركان الخدمة الصحية الحقيقيه مدمرة ومنعدمة وكيف تنشدون الي التأمين الصحي الشامل الذي طال إنتظارة وحلم به ملايين المصريين دون النظر الي أركان وركائز تقديم الخدمة الطبية وهي القوي البشريه والأجور والمرتبات والمستشفيات والمراكز الصحية طبقا لأحدث الاكواد العالمية  ونظام للتعليم الطبي المستمر لكل مقدمي الخدمة الطبية  ونظام معتمد للصيانه الطبية والغير طبية ونظام لتوفير وصرف الأدوية والمستلزمات الطبية  ونظام لحساب التكاليف وتوفير وتحسين بيئة العمل داخل المستشفيات والمراكز وتسعير ثابت للخدمات الصحية الحكومية والخاصة.

إن ماحدث في ديرب نجم ليس فضيحة طبية بمدينة ديرب نجم فقط أو لمستشفي ديرب نجم بل فضيحة وكارثه علي القطاع الصحي المصري بأكمله سيتحدث عنها العالم كثيراَ بل أنه  أكبر دليل صارخ علي عشوائية الخدمة الصحية في مصر بأكملها بل أن ماحدث كشف المسلسل الهزلي التي تقدمه وزارة الصحة للمواطن البسيط والذي يجهل أبسط حقوقه في الخدمه الصحيه فيرضي بأقل القليل ولا يستفيق الا علي الكارثه الكبري التي قد تحدث له أو لأحد من ذويه كما حدث في ديرب نجم.

أتمني من الله سبحانه وتعالي أن يوفق المهندس مصطفي مدبولي في مهمته الصعبة برئاسة وزراء مصر وأن يرشده الي الصواب وأن تكون مشكلة ديرب نجم هي بداية الإصلاح الحقيقي لقطاع الصحة وأن يتخذ كل القرارات التي تصب في مصلحة المريض البسيط  وفي مصلحة المنظومة الصحية بأكملها وهي إعادة هيكلة المنظومة الصحية كاملةَ لتقدم خدمة طبية حقيقيه آمنة للمريض  فمازال أملنا كبير أن القادم أفضل وأحسن بإذن الله.

 

د/عبدالعال محمد البهنسي

مؤسس المبادرة المصرية الوطنية لإصلاح القطاع الصحي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى