fbpx
أهم الأخبارتقارير وحوارات

الطب الشخصى أمل جديد .. أطباء يطورون علاج مخصوص لطفلة مصابة بمرض نادر

واقعة نادرة الحدوث فى المجال الطبي .. فقد قرر الأطباء واستطاعو تطوير علاج لمريضة واحدة فقط مصابة بمرض نادر لا دواء له، ضمن ما يمكن التعرف عليه بالطب الشخصي، تاصيل القصة نشرها موقع “بى بى سي”، وننقلها عنه:

ميلا البالغة من العمر ثماني سنوات، والتي تعاني من مرض “باتن” وهو مرض عصبي نادر، أصبحت الآن تتعرض لنوبات أقل عددا وأقصر مدة، بعد أن تم تطوير دواء صنع لها خصيصا.

تم إعطاء الفتاة المصابة بمرض دماغي مميت دواء فريدا، تم ابتكاره من الصفر من أجلها، وفي جزء بسيط من الوقت المعتاد.
تم تشخيص إصابة ميلا ماكوفيتش بمرض “باتن” القاتل وغير القابل للعلاج.

خلال أقل من عام، ابتكر الأطباء في مستشفى بوسطن للأطفال في الولايات المتحدة الدواء المصمم خصيصا لتصحيح خلل معين في الحامض النووي للطفلة ميلا.

وهي تعاني الآن من نوبات أقل بكثير، على الرغم من أنها لم تشف من المرض نهائيا.

مرض باتن

مرض باتن نادر للغاية، ويتفاقم بشكل تدريجي، وهو مرض مميت دائما.

كانت ميلا في الثالثة من عمرها، عندما بدأت قدمها اليمنى تنقلب إلى الداخل. وبعد مرور عام، احتاجت إلى حمل كتب قريبا من وجهها، لأن رؤيتها كانت تضعف، وبحلول سن الخامسة، كانت تسقط أحيانا على الأرض وأصبحت مشيتها غير عادية.
في السادسة، فقدت ميلا بصرها، وكانت بالكاد تتحدث وتعاني من نوبات.

يمكن أن يكون سبب المرض مجموعة من الطفرات الجينية، التي تمنع الخلايا من التفكك وإعادة تدوير النفايات.

بدلا من ذلك، تتراكم النفايات غير المرغوب فيها، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى موت خلايا المخ.

الطريق إلى العلاج

علمت عائلة ميلا بتشخيص إصابتها بمرض باتن، وعرفوا أنه مرض وراثي.

دشنت العائلة حملة “مؤسسة معجزة ميلا” على أمل علاج هذا المرض المستعصي.

وقال الدكتور “تيموثي يو” لبي بي سي: “كنت جالسا لتناول العشاء ذات ليلة، وأخبرتني زوجتي أن صديقا لها قد شارك منشورا على موقع فيسبوك، لعائلة في كولورادو تطلب المساعدة”.

التقى تيموثي للمرة الأولى ميلا في يناير/ كانون الثاني عام 2017، وكانت التطورات التي تلت ذلك سريعة وغير مسبوقة.
قام الفريق البحثي في بوسطن بإجراء تسلسل كامل للجينوم، وهو فحص دقيق للحامض النووي، وفحص للشفرة الوراثية، وكشف ذلك عن طفرة فريدة من نوعها تسبب مرضها.

بعد اكتشاف هذا الخلل، اعتقد الباحثون أنه قد يكون قابلا للعلاج.

وقاموا بتصميم عقار واختباره على خلايا ميلا، وعلى حيوانات في المختبر، وحصلوا على موافقة لاستخدامه من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية.

وبدأت ميلا تلقي العلاج بهذا الدواء، منذ نهاية يناير/ كانون الثاني عام 2018.

وتستغرق الأدوية العادية حوالي عقد ونصف من الزمان، لتخرج من المختبر، وتجري عليها التجارب السريرية وتصل إلى المرضى.
لكن الفريق الأمريكي حقق ذلك في غضون عام.

وقال الدكتور يو: “عندما توقفنا ونظرنا إلى الوراء، كنا فخورين ومندهشين حقا. من المفيد في بعض الأحيان أن نكون ساذجين. لقد دفعتنا معرفة أن لدينا طفلا حالته تتدهور، بينما كنا نؤدي العمل، إلى التحرك بسرعة لا تصدق”.

وأضاف: “نحن لسنا على علم بحالة أخرى تم فيها تصميم عقار آخر لشخص بعينه بهذه الطريقة”.

ماذا يعني هذا بالنسبة لميلا؟

الدواء لا يمكنه إزالة جميع الأضرار التي حدثت.

وقال الدكتور يو لبي بي سي: “أود أن أقول إنه في السنة الأولى شعرنا بسعادة غامرة. بدا أن المرض يتطور ببطء شديد”.
يذكر أن هذا المرض عادة يتفاقم بشكل لا يمكن إيقافه.

انخفض معدل نوبات ميلا من 15 إلى 30 نوبة يوميا – وكانت النوبة عادة ما تستغرق نحو دقيقتين – إلى ما بين صفر و 20 نوبة يوميا، وأصبحت النوبة غالبا ما تستمر لبضع ثوان فقط.

وقالت عائلتها أنها أصبحت تقف بشكل أكثر استقامة، وتبتلع الطعام بشكل أفضل.

وفي السنة الثانية من العلاج، ظهرت علامات على أن المرض يتفاقم مرة أخرى، واستمرت ميلا تخضع للمراقبة عن كثب.

وقال الدكتور يو “نعتقد أن المرض يتطور بوتيرة أبطأ مما كان يمكن أن يحدث، ونأمل في أن يستقر الأمر أكثر”.

وهو يعتقد أنه إذا كان من الممكن في الحالات المستقبلية التدخل في وقت مبكر، عندما يكون الطفل في الثالثة أو الرابعة من العمر، فإن ذلك “يمكن أن يحدث فارقا كبيرا”.

كيف يعمل الدواء؟

النهج المستخدم ذكي بشكل لا يصدق، ويتطلب فهما دقيقا للخلل الذي كان يحدث.

إحدى التعليمات الجينية لبناء البروتين كانت معيبة في الحامض النووي لميلا، ومن ثم كان البروتين غير الفعال الناتج عنها يسبب مرض باتن.

وللانتقال من الحمض النووي إلى البروتين، توجد مرحلة في الوسط، حيث يتم إنشاء ما يعرف بـ “حمض نووي وسيط” يعرف اختصار باسم(mRNA)، يأخذ التعليمات من الحمض النووي في نواة الخلية، إلى الموقع الذي يتم فيه صنع البروتينات.

في حالة ميلا، كانت هناك مشكلة في بناء ذلك الوسيط، حيث لا يتم نسخ كل الشفرة الوراثية الموجودة في قسم من الحامض النووي إلى الحمض الوسيط، وتقطع منها أجزاء في عملية تعرف باسم الربط.

وكانت عملية الربط هذه تتم بصورة خاطئة، ومن ثم كان يتم صنع حمض نووي وسيط خاطئ أيضا، وكان البروتين الخطأ هو النتيجة.

طور الفريق دواء مرتبطا بتكوين ذلك الحمض النووي الوسيط، ويوقف قطع أجزاء منه في المكان الخطأ.

إنها نفس التقنية، التي توفر الأمل الأول لعلاج مرض هنتنغتون، وهو مرض عقلي وراثي.

ونشرت تفاصيل ابتكار هذا الدواء في مجلة “نيو إنغلاند” الطبية.

التكلفة

تعد التكلفة العالية عائقا أمام استفادة أناس كثيرون من هذا الدواء.

ولن يفصح فريق البحث عن مقدار ما أنفقوه في تطوير العقار.

لكن الدكتور يو قال: “ما كنا لنستمر في ابتكار ذلك الدواء، إذا لم نكن نرى طريقة لجعله في متناول اليد. إن فكرة إنفاق ملايين الدولارات على عقاقير لأصحاب الملايين لا تتفق مع ما نقوم به”.

هل يمكن أن يكون هذا نهجا جديدا في الطب؟

نعم. هناك أكثر من 7 آلاف من الأمراض النادرة، الناجمة عن تشوهات وراثية، والتي غالبا ما تفتقر إلى أي شكل من أشكال العلاج.
وبالطبع لن يمكن علاج كل هذه الأمراض النادرة، ولا حتى كل المصابين بمرض باتن الذي تعاني منه ميلا بهذه الطريقة.
لكن الأمل معقود على أن الطب الشخصي “المصمم من أجل استخدام شخص واحد”، المستند إلى فهم وراثي مفصل لما يسبب المرض، يمكن أن يؤدي إلى هذا النوع من العلاجات الدقيقة.
وتقول الدكتورة جانيت وودكوك، من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، إن الأدوية المصممة من أجل استخدام فرد واحد تثير قضايا جديدة.
وتتساءل عن نوع الأدلة العلمية المطلوبة، قبل تجريب الدواء على الشخص.
وتقول: “حتى في حالة حدوث تفاقم سريع، أو كون المرض قاتلا، فإن التعجيل بمضاعفات شديدة أو التعجيل بالموت غير مقبول، إذن فما هو الحد الأدنى المطلوب من ضمانات السلامة ؟”

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى