fbpx
أهم الأخبارغير مصنفمنتدي الدكاترة

د. آمال صبري تكتب: الموت في حقنة جاهل

منذ بضع أشهر، كانت جريمة طفل لم يتمم عامه الثالث أنه أصيب ببرد وسعال، فحكم عليه بالإعدام على يد قاضي الإستهتار!!

وقعت تلك الحادثة في صيدلية ببولاق، ولكنها ليست الأولى، وأخشي أنها لن تكون الأخيرة، نتيجة لجهل استشري في أرجاء البلاد كما العضال اللعين.

و كان الخطأ الأول لهذه الجريمة هو توجه معظم الآباء إلي الصيدليات لعلاج أبنائهم دون إستشارة طبيب مختص، فيترتب عليه عدة أخطاء، مثل تطوع الصيدلي بإعطاء أدوية للطفل المريض والتي غالبا ما تكون غير مناسبة وبجرعات ليست صحيحة مما يؤدي إلى تفاقم المرض، بل وأحيانا تقدم وصفة طبية لصيدلي وبدلا من إعتذاره على عدم توفر دواء فيها فإنه يعطي البديل والذي ممكن أن يكون مختلفاً في كفاءته أو حتى في تركيزه مما يؤدي إلى بطء الشفاء أو عدمه وحيرة الطبيب وإضطراره إلى وصف مضادٍ آخر.

وهذا الإستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية أدى إلي ظهور ظاهرة في منتهى الخطورة، ألا وهي مقاومة الميكروبات لمعظم المضادات الحيوية والتي يصعب معها العلاج لكثير من الأمراض.

أما المصيبة الكبرى والتي تسببت في مقتل الطفل الصغير هي إعطاءه مضاداً حيوياً بالحقن دون عمل إختبار حساسية، والذي إقترن فقط بحقن البنسيللين، مع إهمال أن هناك مضادات كثيرة من مشتقاته أو حتى من مشتقات أخرى ولكنها تؤدي إلى حساسية خطيرة قد تودي بالحياة.

بل والأخطر هو عدم معرفة معظم العاملين بالمجال الطبي بالطريقة الصحيحة لعمل إختبار الحساسية مما يؤدي إلى خطأٍ في قراءته وسوءٍ في إتخاذ القرار الذي يتعلق بحياة إنسان.

وحتى لا تتكرر مأساة هذا الطفل البريء الذي راح ضحية الجهل والإستهتار، لابد وأن يلزم كلٌ منا مكانه ولا يتطرق للقيام بدور الآخر، فالطبيب يشخص المرض ويصف العلاج موضحاً للآباء كل ما يتعلق به والصيدلي يقدم العلاج الموصوف من قبل الطبيب بكل أمانة والرجوع إليه في حالة عدم توفر الأدوية، والآباء يحافظون على حياة أبنائهم بتوجههم للطبيب المختص، ويكون لديهم الوعي الكافي للتأكد من مطابقة الأدوية المصروفة بالموصوفة، ومن تاريخ صلاحيتها، ورفض إعطاء فلذات أكبادهم حقناً دون عمل إختبار حساسية وأن يكون ذلك في مستشفى معدة للتعامل مع أي تفاعل تحسسي، وحتى إذا كان الطفل قد تعرض لهذا المضاد من قبل فأحياناً ينشأ لديه تحسس منه بعد عدة مرات، لذا يوجب عمل الإختبار قبل كل مرة، وهذا لكل الأعمار، وكم من أرواح زهقت بسبب تجاهل هذه المعلومات والكسل في عمل الإختبار ومراقبته بدقة خلال 20 دقيقة، ولابد أيضاً من رقابة صارمة على الصيدليات حتى لا تكون معقلا للموت بدلاً من الحياة.

بقلم د. أمال صبري
استشاري طب الأطفال والتغذية العلاجية
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى