تخصصات يهرب منها الأطباء.. الأخطاء الطبية وضعف الإمكانيات وقلة الأجور السبب
كتبت – آية أشرف:
تخصصات طبية هامة، تشهد تراجعًا ملحوظًا فى اقبال الأطباء عليها، وهو يؤدى إلى مشاكل فى المنظومة الصحية ويهدد المرضى، ويلقى عبء كبير على الأطباء المتخصصون بهذه التخصصات، كالتخدير وأطباء الطوارىء والرعاية المركزة، وجراحة قلب الأطفال.
«دكتور نيوز» تفتح الملف ودق ناقوس الخطر، وتناقش الخبراء، الذين أكدوا أن ارتفاع نسبة الخطأ الطبي وخطورته فى هذه التخصصات، إضافة إلى ضعف الامكانيات وضعف المقابل المادي، هم الأسباب الرئيسية وراء تراجع اقبال الأطباء على هذه التخصصات.
عضو مجلس نقابة الأطباء وأستاذ جراحة القلب بكلية الطب جامعة عين شمس الدكتور خالد سمير، يقول: منذ ٦ سنوات لا يرغب الأطباء في التخصص في جراحة قلب الأطفال بجامعة عين شمس بالرغم من وجود أكبر مركز جامعى لجراحات قلب الأطفال في مصربها، وذلك بسبب تجنب الأطباء للعمل لفترات طويلة بدون أجر عادل والتضحية بسنوات طويلة تعلم للعمل فى تخصص هو من أكثر تخصصات الطب فى معدلات الخطورة، و تصبح حياته و أسرته و مستقبل أولاده مهددة مع كل مريض في مجتمع يسجن الطبيب اذا حاول انقاذ حياة مريض.
وأضاف”سمير” أن التعامل المجتمعي مع الطبيب المخطئ سبب في نفور الأطباء الذين يحاسبون على كل خطأ في المنظومة الطبية، في استمرار لمسلسل “أخطاء الأطباء” الذي أصبح يتباه الإعلام بشكل جلي الفترة الماضية، مما خلق عجز في العديد من التخصصات الطبية أبرزها جراحات القلب، والرعاية المركزة والطوارئ، والمخ والأعصاب، والتخدير، والمسالك البولية، والرعاية الأساسية وغيرها، متابعًا: “لو أنبوبة الأكسجين إنخفضت خلال عملية التخدير يحاسب الطبيب، بالرغم من أنه يعمل بأقل تكلفة لشراء المتسلزمات الطبية.
وقال: “نحتاج في جراحات القلب لسائل يتم وضعه في كانيولا مخصصة وتوصيله بالقلب أثناء إجراء العملية للحفاظ على روح المريض، ولكن نقص الإمكانات يجعل المستشفيات تستبدل الكانيولا بأخرى وريدية والتي قد تتسبب في إحداث ثقب بقلب المريض، بالإضافة لأن البعض يقوم بتركيب السائل المخصص لها بشكل يدوي قد يتسبب في نتائج خطيرة، وفي النهاية يلوم أهالي المرضى الطبيب ويلاحقونه بالتهم”.
وأشار إلى أن المستشفيات تجبر المرضى على استخدام أدوات محدودة لا توفر مقاسات محددة ويطالبوا الطبيب بالتصرف، مما يجعل الأطباء يعملون تحت ظروف ضاغطة ويطلب منهم الوصول لنتائج خرافية، في الوقت الذي قد يضطر الطبيب لإجراء عملية على إضاءة المحمول إذا انقطعت الكهرباء فجأة على غرفة العمليات، وكل ذلك يتم تحميله على الطبيب وسمعته.
وعن قانون المسائلة الطبية أكد”سمير” أنه يجب أن يوضع بعد معايشة الوضع الحقيقي الذي يمر به الأطباء والظروف الصعبة التي يمروا بها، وذلك لضمان عدم توجه طبيب ليحاسب بقسم شرطو أو أمام نيابة دون أن يقترف ذنب.
واستطرد: كل ذلك يمر به الأطباء في ظل عدم وجود منظومة أجور عادلة، أو ضمان للمستقبل المهني للأطباء، بالإضافة لعدم وجود نعليم طبي مستمر أو برامج تدريبية كافية للأطباء.
على جانب أخر يقول وكيل وزارة الصحة السابق وخبير إدارة الكوارث والأزمات واستشارى العناية المركزة والتخدير وعلاج الألم، الدكتور علاء عزت، إن أزمة ندرة بعض التخصصات الطبية ترجع لعدة أسباب تتعلق بالعائد المادي، واللوائح التنظيمية للعمل،حيث لا يوجد تخصص لجراحة القلب أو المخ والأعصاب بقطاع الطب العلاجي بوزارة الصحة نظراً لعدم توافر الاستشاريين.
ويضيف: الأطباء يمكنهم العمل في التخصصات النادرة ولكن في حالة وجود رواتب عادلة، مما يفرض ضرورة لوضع عوامل محفزة للطبيب لكي يقبل العمل في هذه التخصصات منها الغاء تكليفه، وعدم اختياره للمناطق النائية، ودعمه مادياً وتسهيل إجراءات تسجيله وترقيته.
ويرى أن المناخ الطارد تسبب في قيام أطباء الطوارئ والرعايات المركزة بإمضاء عقود سفرهم بمجرد انتهاء الماجستير، الأمر الذي خلق عجز شديد في أقسام الطوارئ وأصبح يغطيها أطباء من أقسام أخرى بالمستشفيات، مضيفاً أن نقص أطباء الرعايات جزء من أزمة أسرة الرعايات المركزة في المستشفيات فحين تتوافر الأسرة لا يوجد أطباء متخصصين يديرونها.
من جانبه يرى الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الحق في الصحة، أن هناك فرق بين الأخطاء الطبية العادية التي تعتبر جنحة وأخطاء الإهمال الطبي الجسيم التي تعامل كجناية، حيث تصل نسبة الخطأ في عمليات القلب المفتوح ل35% في بعض الحالات وهي نسب عالمية، مشيراً إلى أن نقص بعض التخصصات يعتبر مشكلة عالمية لا تحدث في مصر فقط ومنها مشكلة نقص أطباء التخدير.
ويضيف أن مصر كانت متأخرة في توفير بعض التخصصات الطبية ومنها جراحات قلب الأطفال التي أنشئت أول وحدة لها عام 1993 بجامعة عين شمس، وكان هناك وحدة ثانية بمستشفى أبو الريش الياباني، والثالثة في مستشفى أطفال مصر، وأخرى في معهد القلب ولم توفر الدولة وحدات أخرى حتى الآن.
وأوضح أن ندرة التخصصات مرتبط أيضاً بالتعليم الطبي في مصر، حيث لا تتوفر بعض التخصصات إلا في الجامعات الكبرى الأمر الذي يشكل عنصر هام في تكوين أعداد كافية في بعض التخصصات.
ويتابع”الدولة في الخارج تقوم بتحفيز الأطباء على الدخول في التخصصات النادرة، حيث يتعامل طبيب العناية المركزة معاملة خاصة ويضاعف له أجره مقارنة ببقية الاطباء، ولكن في مصر عند إنشاء زمالة للطوارئ حصل عليها عدد كبير من الأطباء وسافر أغليهم للخارج، نظراً لمناخ الأجور الطارد لهم.
ويرى خليل أن قانون المسائلة الطبية يعتبر حق للطبيب والمريض أيضاً، ولكنه لم يطبق إلى الآن .