د. محفوظ رمزي يكتب: صانع القوانين وصيدليات القرى والمناطق الشعبية
بمناسبة مناقشة تشديد العقوبات الخاصة بقانون مزاولة مهنة الصيدلة ١٢٧ لسنة ١٩٥٥، وبعد ٦٥ سنة من صدور القانون، وفي ظل الحراسة، يتم الأن تعديل القانون وتغليظ العقوبات على الصيادلة في حالة المخالفة، ومنها الأدوية المهربة، والتى حتى الآن لم يفرق قانون هئية الدواء المصرية أو قانون مزاولة مهنة الصيدلة بين الدواء المهرب المسجل في دولة مرجعية وهم ٢٢ دولة مرجعية طبقا لقرار اللجنة الفنية في شهر ديسمبر ٢٠٠٩، وبين دواء مجهول المصدر ومغشوش وغير مطابق للمواصفات، حيث أن القانون ينظر لأي دواء غير مسجل في مصر على أنه مغشوش.
وهنا يجب أن نقف وقفة..
هناك أدوية يتم تهريبها من الخارج بصورة منتظمة لحاجة المرضى لها، ومنها أدوية الأمراض السرطانية وأدوية لأمراض مزمنة أخرى، وهي أدوية مهمة قد لا يوجد مثائل جينيرك أو مستورد منها، وسبب نقصها لجنة تسعير الأدوية التي تسببت على مدى سنوات في تأخير صناعة الدواء والبحث الدوائي، حيث أن الشركات العابرة للقارات تحصل على اعلي الأسعار، على النقيض الشركات الوطنية وخاصة قطاع الأعمال تحصل على أسعار بخثة لا يمكنها من مواصلة التصنيع وتوفير أدوية تساهم في إنقاذ المرضى الذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب قلة المرضى، لأن معظم الشركات تبحث عن الأدوية الرائجة في الIMS، ونتيجة لذلك يلجأ الأطباء لكتابة أدوية مستوردة ويكتب دواء مهرب لا يعاقب عليه، ولكن يعاقب عليه الصيدلي، وهنا لا أحاول تبرئة الصيدلي بقدر ما احاول إلقاء وتسليط الضوء على جزء يسير من المعادلة الدوائية في مصر.
والحقيقة أن صانع القرار والقوانين المنظمة لمهنة الصيدلة والمستوى الاجتماعي الذين يعيشون فيه حرمهم ومنعهم من مشاهدة صيدليات القرى والنجوع والعزب والمناطق الشعبية، وهي صيدليات تكاد تكفي نفسها لأنها دخلت المحيط الأحمر وخرجت من المحيط الأزرق منذ سنوات، وكل القرارات الصادرة المنظمة المهنة والتأمين الصحي تزيد احمرار المحيط الأحمر الخاص بهذه الصيدليات وتسارع من تحول المحيط الأزرق للصيدليات المتوسطة وهي صيدليات تختلف شكلا ومضمونا عن صيدليات التجمع والرحاب والصيدليات التي تديرها كيانات عملاقة.
ووضع قانون لا يراعي الطبقة العريضة من الصيدليات لهو اجحاف ورؤية ربيعية لمهنة الدواء والصيدلة، عكس الواقع الذي يمر بجو خريفي مدمر للصيادلة، لذلك على كل من وافق وأعطى الضوء الأخضر لهذا التعديل أن يمر عليه أن يعرف ان المسؤولية تحتم عليه الانتظار لحين انتخاب مجلس نقابة برغبة الجمعية العمومية، وان ال٢٥٠ الف صيدلي فيهم الآلاف الذين يستطيعوا وضع وتعديل القانون لصالح الدولة والمواطن والصيادلة، باعتبار الصيادلة مواطنين مصريين، وان كان الأمر لابد منه فهناك جمعية عمومية يعرض عليها القانون للموافقة عليه أولًا بعد مناقشات مع اللجان النقابية والنقابة الفرعية، والأفضل لا يتم تعديل قانون لا يصب في صالح الدولة، والأفضل التأجيل لحين تكون فيه المهنة استعادت بعض من قيمتها المهدرة.
د. محفوظ رمزي عطية
رئيس لجنة التصنيع الدوائي واللجنة الإعلامية بنقابة صيادلة القاهرة