العيادة

هشاشة العظام.. الخطر الصامت الذي يهدد صحة المرأة وسبل الوقاية منه

تعد هشاشة العظام من المشكلات الصحية الكبرى التي تؤثر بشكل خاص على النساء، وخاصة بعد انقطاع الطمث. يعتبر هذا المرض “الصامت” من أخطر الأمراض التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الكسور والإعاقة. هشاشة العظام تعني ضعف في كثافة العظام وتدهور في بنيتها، ما يجعل العظام أكثر عرضة للكسر حتى نتيجة لحوادث بسيطة مثل السقوط أو حتى بعض الحركات الخاطئة.

ما هي هشاشة العظام؟

هشاشة العظام، كما يوحي الاسم، هي حالة يكون فيها العظم ضعيفًا وهشًا بسبب فقدان الكثافة المعدنية ووجود فراغات أكبر في بنيته الداخلية. العظام في الوضع الطبيعي تكون قوية وصلبة بفضل شبكة من الألياف المعدنية، لكن عندما تتدهور هذه الشبكة، تصبح العظام أكثر عرضة للكسر.

قد يصاب أي شخص بهشاشة العظام، لكنها أكثر شيوعًا بين النساء، وخاصة في الفئات العمرية المتقدمة. تظهر الأبحاث أن حوالي 80% من المصابين بهشاشة العظام هم من النساء، ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى التغيرات الهرمونية التي تحدث بعد انقطاع الطمث.

العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام لدى النساء

هناك عدة عوامل تسهم في ارتفاع معدل الإصابة بهشاشة العظام لدى النساء. يمكن تقسيمها إلى عوامل طبيعية وغير طبيعية:

1. العوامل الطبيعية (البيولوجية):
التغيرات الهرمونية: بعد انقطاع الطمث، ينخفض مستوى هرمون الاستروجين بشكل كبير. يلعب هذا الهرمون دورًا رئيسيًا في الحفاظ على كثافة العظام لدى النساء. وبالتالي، فإن انخفاضه يؤدي إلى تدهور بنية العظام وفقدان الكثافة المعدنية.
الشيخوخة: مع التقدم في العمر، تقل قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم والمعادن الأخرى الضرورية لصحة العظام، ما يجعل العظام أضعف بمرور الوقت.
الجينات: تلعب الوراثة دورًا كبيرًا في تحديد كثافة العظام. إذا كانت الأم أو الجدة قد عانت من هشاشة العظام، فغالبًا ما تكون المرأة أكثر عرضة للإصابة.

2. العوامل غير الطبيعية (المرتبطة بنمط الحياة):
– نقص الكالسيوم وفيتامين د: الكالسيوم هو العنصر الأساسي في بناء العظام، وفيتامين د يساعد الجسم على امتصاص الكالسيوم بشكل صحيح. أي نقص في هذين العنصرين يؤدي إلى ضعف العظام.
قلة النشاط البدني:عدم ممارسة الرياضة بانتظام يقلل من كثافة العظام، خاصة الأنشطة التي تحمّل العظام مثل المشي والتمارين الرياضية.
التدخين واستهلاك الكحول: التدخين وتناول الكحوليات بكثرة يساهمان في ضعف العظام ويزيدان من خطر الإصابة بهشاشة العظام.

أعراض هشاشة العظام

هشاشة العظام تعرف بأنها “المرض الصامت” لأنه في كثير من الأحيان لا تظهر الأعراض حتى تحدث كسور. ومع ذلك، هناك بعض العلامات التي قد تشير إلى وجود مشكلة في العظام:
– كسور متكررة: قد تعاني المرأة من كسور في العظام حتى بعد تعرضها لصدمات طفيفة أو سقوط خفيف.
الانحناء في العمود الفقري: قد يحدث تقوس أو انحناء غير طبيعي في العمود الفقري نتيجة لانهيار الفقرات.
فقدان الطول: قد تلاحظ المرأة أن طولها بدأ يقل مع مرور الوقت نتيجة انضغاط الفقرات.
آلام في الظهر: خاصة إذا كانت مرتبطة بكسور الفقرات، يمكن أن تكون آلام الظهر علامة على هشاشة العظام.

التشخيص والكشف المبكر

الكشف المبكر عن هشاشة العظام يعد مفتاحًا مهمًا للوقاية من المضاعفات. يعتمد التشخيص بشكل أساسي على فحص كثافة العظام باستخدام تقنيات تصوير متطورة مثل فحص DXA (قياس امتصاص الأشعة السينية المزدوج). يساعد هذا الفحص على قياس مستوى كثافة العظام وتحديد ما إذا كانت المرأة تعاني من هشاشة العظام أو معرضة للإصابة بها.

الوقاية والعلاج

الوقاية من هشاشة العظام تتطلب تبني أسلوب حياة صحي يدعم صحة العظام ويقلل من المخاطر المحتملة. تشمل طرق الوقاية:

1. التغذية السليمة:
يجب على النساء الاهتمام بتناول الأغذية الغنية بالكالسيوم مثل الحليب، اللبن، الأجبان، والخضروات الورقية مثل السبانخ والكرنب. فيتامين د أيضًا ضروري لأنه يساعد في امتصاص الكالسيوم، ويُفضل الحصول عليه من الشمس أو المكملات الغذائية إذا كانت الكميات من الطعام غير كافية.

2. ممارسة الرياضة بانتظام:
التمارين التي تعتمد على تحمّل الوزن مثل المشي، الركض، أو رفع الأثقال تعتبر من الأنشطة التي تساعد في تعزيز كثافة العظام. تساعد هذه الأنشطة في تقوية العظام وتجنب فقدان الكتلة العظمية.

3. التوقف عن التدخين وتقليل استهلاك الكحول:
الإقلاع عن التدخين وتقليل تناول المشروبات الكحولية يساعد في الحفاظ على صحة العظام.

4. العلاج الطبي:
في بعض الحالات، قد يكون العلاج الطبي ضروريًا. يتمثل العلاج عادة في أدوية تساعد في الحفاظ على كثافة العظام أو زيادة امتصاص الكالسيوم. هناك أيضًا أدوية تمنع فقدان العظام أو تعزز بناء العظام الجديدة، مثل البيسفوسفونات أو هرمونات الاستروجين البديلة.

دور التوعية في تحسين صحة المرأة

التوعية تعد ركنًا أساسيًا في محاربة هشاشة العظام. تحتاج النساء إلى فهم أهمية الكشف المبكر واتباع النصائح الصحية التي تقي من هذا المرض. يجب أن تتوفر برامج توعوية في المراكز الصحية والمدارس لتثقيف النساء حول أهمية الوقاية من هشاشة العظام منذ سن مبكرة.

في الختام، هشاشة العظام مشكلة صحية كبيرة تؤثر على صحة المرأة بشكل خاص، لكنها قابلة للوقاية والعلاج إذا تم اكتشافها مبكرًا. يلعب الوعي الغذائي، النشاط البدني، والفحوصات الطبية الدورية دورًا محوريًا في الوقاية من هذه المشكلة والحفاظ على صحة العظام.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى