fbpx
أهم الأخبارمنتدي الدكاترة

د. أحمد حسين يكتب: عالم الطب أم مستشار رئيس الجمهورية.. أيهما سيرد

(إنما يُقاس رقي الدول بقدرتها على حماية الفئات الضعيفة فيها و ما تتخذه حكوماتها من إجراءات في سبيل ذلك)، عبارة سمعتها نصاً أو مضموناً من د.أحمد عكاشة قبيل ثورة 25 يناير أثناء تضامنه مع العاملين بمستشفى العباسية للصحة النفسية والمهتمين بها، وقت إثارة دلائل على قرار حكومة أحمد نظيف نقل المستشفى إلى مدينة بدر أواخر 2010.. تذكرت تلك المقولة متطلعاً إلى قائلها في أواخر 2019 أثناء بحثي في التعديلات المقترحة إلى مجلس النواب لقانون رعاية المريض النفسي رقم 71 لسنة 2009.

في التعديلات على القانون و المقدمة إلى مجلس النواب من الحكومة عن وزيرة الصحة بمذكرة توضيحية بتوقيعها تسرد فيها أن تلك التعديلات المطروحة تعزز الضمانات لحقوق المريض النفسي و تحسن آداء الخدمة، وما لمسته في التعديلات يؤكد التضاد لما وضحته الوزيرة، فتلك التعديلات تُحمّل المريض النفسي أو أهله أعباء مالية إضافية عن الموجودة حالياً، فهي تقترح أن يزيد رسم دخول المريض إلى المستشفى من مائة إلى مائة و خمسين جنيهاً وأن يزيد الحد الأقصى لقيد المنشأة الطبية بالمجلس القومي للصحة النفسية إلى ثلاثين ألف جنيهاً بدلاً من عشرة، إضافة إلى دمغات الشهادات الطبية التي تُعطى للمريض عن حالته الطبية، كل تلك الرسوم يتم سدادها إلى صندوق المجلس القومي للصحة النفسية بخلاف تكاليف العلاج التي تتقاضها المستشفى ورسوم التراخيص للمنشأت التي تتقاضها الجهات الأخرى مثل إدارة التراخيص بوزارة الصحة ونقابة الأطباء والمحليات، وبدلاً من أن تحصن التعديلات المقترحة ما يُخصص لهذا الصندوق من الدولة فقد اقترحت التعديل من (ما يُخصص من الموازنة العامة للدولة) إلى (ما قد يُخصص للصندوق من الموازنة العامة للدولة بالمقطع التمويلي للصناديق و الحسابات الخاصة بحساب الخزانة الموحد)،و هذا المقطع التمويلي موارده من نسبة ال40% من صناديق تحسين الخدمة و المخصصة بالفعل لخدمات المرضى طبقاً للائحة 239لسنة 1997،أي أن الحكومة قررت أن تمول صندوق المجلس فقط من المرضى أنفسهم،سبق أن تقدم د.عارف خويلد الأمين العام الأسبق للصحة النفسية بمذكرة إلى وزير الصحة الأسبق د.فؤاد النواوي الذي أصدر قراره 351 لسنة 2012 بإعفاء المستشفيات الحكومية و الخيرية من رسوم القيد المقررة للمجلس القومي للصحة النفسية تخفيفاً من على كاهل المريض الغير قادر،فتأتي تلك التعديلات لتعصف بذلك بل و تزيد الأعباء على كاهله.

تعديل أخر لا يقل خطورة و يمثل إهانة لسمعة الطب النفسي والتشريع في مصر، فقد وردت مخاطبات إلى مجلس النواب وأمين عام الصحة النفسية -اطلعت عليها- من منظمة الصحة العالمية والجمعية العالمية للطب النفسي يُذكر صراحة فيها أن استبدال مسمى(العلاج الكهربائي) بالمصطلح الجديد المقترح (ضبط إيقاع المخ) أنه مُضلل وزائف وغير أخلاقي، وذلك لعدم توضيحه طبيعة العلاج المُستخدم مما يُتيح تضليل المريض وأهليته..في جلسة نقاشية حضرتها حول هذه التعديلات يقول د.ناصر لوزا رئيس الإتحاد العالمي للصحة النفسية عن هذا المصطلح المقترح (العلاج بإستخدام الجلسات الكهربائية رغم أنه غير معروف طريقة عمله حتى الآن إلا أن المؤكد أنه يحدث تغيير في إيقاع المخ الذي يعبر عنه تخطيطات رسم المخ، وبالتالي وبغض النظر عن عدم وجود أساس علمي لهذا المصطلح وتنافيه مع أخلاقيات المهنة وحق المريض في معرفة العلاج فإنه يتعارض مع ما تحدثه فعلياً النوبات الكهربائية )، ويؤكد د.محمد نصر الدين أستاذ الطب النفسي بقصر العيني أن الترجمة العربية لهذا النوع من العلاج هي (العلاج بالتخليج الكهربائي)، أيضاً اعترضت تلك المنظمات العالمية على إستبعاد ممثل عن المرضى و أهاليهم من تشكيل المجلس القومي للصحة النفسية و كذا إتاحة إعطاء جلسات العلاج الكهربائي للمريض بقرار طبيب منفرد دون تقييم أخر من طبيب مستقل والذي يقول عنه د.ناصر لوزا (من سابق خبرتي كطبيب نفسي وأمين عام أسبق للصحة النفسية فإن هذا التعديل سيفتح الباب لعودة ممارسات غير أخلاقية كانت تتم قديماً قبل القانون) وتصف هذا التعديل د.بسمة عبد العزيز المدير الأسبق لإدارة رعاية حقوق المريض بأمانة الصحة النفسية ب (هذا التعديل هو ترجمة للمجتمع الأبوي الذي يفرض الوصاية على المريض النفسي ).. وعن التعديل المقترح بإضافة باب بالقانون خاص بتنظيم ممارسة مهنة العلاج النفسي، فتتفقا د.منى الرخاوي ود.نها صبري أستاذتا الطب النفسي بقصر العيني أن هذا الباب خاص بممارسة مهنة العلاج النفسي ولا يصح أن يدمج ضمن قانون خاص بإجراءات تنفيذية لدخول وخروج المريض والترخيص لمنشأة، فعلى سبيل المثال هناك قانون خاص بتراخيص المنشأت الطبية لم يتضمن قانون مزاولة مهنة الطب البشري، وتتفقا على أن مشروع قانون جديد لمزاولة مهنة العلاج النفسي لا بد أن يُقدم منفصلاً وأن يُسبق بتحضير وافي من مناقشات وورش عمل تضم كل المعنيين، لتصحيح تعريف بعض المصطلحات لتتماشى مع التعريفات العلمية المتفق عليها عالمياً وعدم الخلط بين دور المعالج النفسي والأخصائي النفسي الإكلينيكي وهيكلة ممارسات مستويات الاستشارات النفسية والعلاج النفسي مع إحترام الخلفيات المهنية للعاملين في مجال العلاج النفسي.

كان من المأمول مقترحات لتعديل القانون لتلافي صعوبات واقعية، مثل المرضى المستقرة حالتهم الطبية ولا يملكون الإرادة المستنيرة لطلب الخروج لمعاناتهم من نسبة تأخر عقلي والذي يتطلب إلزام وزارة التضامن الإجتماعي باستيعابهم لغياب الأهل، وكذا ضرورة استقلالية لجان حقوق المرضى عن السلطة التنفيذية، الصعوبات التي تواجه أطباء التقييم المستقل وضعف مقابلهم المادي، أيضاً تفعيل و توصيف دور الأخصائي الإجتماعي الذي فأجاتنا التعديلات بإستبعاده من المشورة عند إجراءات دخول المريض!

خطاب منظمة الصحة العالمية الذي ينتقد التعديلات وجهته إلى كل من د.منن عبد المقصود أمين عام الصحة النفسية بوزارة الصحة، د.محمد العماري رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب و د.أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي بطب عين شمس..قد يكون لـ د.عكاشة بصفته الرئيس الأسبق للجمعية العالمية للطب النفسي من 2002 حتى 2005 أو لكونه مستشار رئيس الجمهورية للصحة النفسية، والبعض يُعلل لكونه مؤيد لهذه التعديلات، أياً كان السبب في مخاطبته فهل يرد د.عكاشة بصفته العلمية على منظمة الصحة العالمية والجمعية العالمية للطب النفسي مُدحضاً إعتراضاتها إن كان هو مؤيداً لها، وإن لم يكن فهل بصفته عضو المجلس الإستشاري العلمي لرئيس الجمهورية يخاطب رسمياً مجلس النواب والعرض على رئيس الجمهورية بمخالفة تلك التعديلات المقترحة من وزيرة الصحة للقواعد المتعارف عليها عالمياً في قانون الصحة النفسية و مواثيق حقوق الإنسان..ذلك إنقاذً للمريض النفسي وسمعة التشريع البرلماني في مصر.. نطالب د.أحمد عكاشة بالرد و ننتظر.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى