د. محمد مقبل يكتب: د. ايهاب الطاهر .. حدوتة نقابية

دكتور “ايهاب الطاهر” أصبح اسمه علامة نقابية مميزة و ذكر اسمه وحده يكفى … د. ايهاب الطاهر هو أحد ضلعي أهم تجربة نقابية فى مصر بدون أى مبالغة أو تهويل .. تجربة نقابية نظيفة و شريفة و حرة جاءت من رحم ثورة يناير (رحمها الله) .. تجربة نقابية كان هدفها الوحيد هو رفعة شأن الطبيب و مهنة الطب بلا أى أهداف شخصية أو سياسية أو ايديلوجية حاولت بشتى الطرق التعبير عن وضوح هدفها وسط تقلبات عديدة و أجواء ضبابية سادت كل شئ خلال السنوات السابقة …

التجربة نفسها تحتاج الحديث عنها و لكننا الان نتكلم عن د. ايهاب الطاهر نفسه ، ساءنى ما حدث من استقالته من مقعد الأمين العام لنقابة أطباء مصر ولكن ما ساءنى أكثر هو تعليقات العديد من الزملاء على تلك الاستقالة التى قد لا يعلمون كواليس حدوثها و لكن يمكنهم بقليل من المنطق و العقل ادراك ذلك ..

إنّ التعليق على شخص من لحظة موقوفة من الزمن بدون مراعاة تاريخا كاملا له لهو شئ شديد الاحباط ، و لذلك يجب أن نتكلم عن د. ايهاب بكل شكر و تقدير و تحية لتاريخ صنعه لشخصه عبر سنوات من العمل النقابى الحقيقي و ليس عبر الكتابة على صفحات التواصل الاجتماعى أو الظهور الاعلامي أو التعامل الأمنى كما يفعل البعض ممن يحاولون ضربه فى ظهره الآن.

لو أردنا أن نتكلم عن نقابى اسمه د. ايهاب الطاهر ستكون هناك ثلاث صفات واضحة يمكنها أن تظهر عند ذكر اسمه فى الأوساط النقابية (نظافة وعفة اليد .. التعقل الشديد والمشاورة فى جميع الأمور .. الالمام بجميع تفاصيل القوانين و الأمور الادارية) ، لو تكلمنا عن الصفة الأولى فقط تكفيها بطولة فى ظل الظروف التى ندركها جميعا ، حينما إنضممتُ لمجلس نقابة أطباء القاهرة منذ سنوات وكان وقتها د. ايهاب الطاهر أميناً عاماً لمجلسها كان كل عضو مجلس حرفيا يتحمل نفقات مشروباته من قهوة و شاى وسكر بعد إصرار أعضاء المجلس على إلغاء بند مصروفات الضيافة حتى لا يتم اهدار أموال النقابة.

وبعدها انتقل د. ايهاب الطاهر الى النقابة العامة وبُحكم موقعه أمينا عامة للنقابة العامة أصبح عضواً فى اتحاد المهن الطبية وأعتقد معروفا للجميع مدى حرص د. ايهاب على كل مليم يتم صرفه من أموال اتحاد المهن وموقفه الشريف والرائع بجانب الزملاء النقابيين من مجموعة “أطباء بلا حقوق” ضد أى مميزات مالية لأى عضو نقابى ووضع خطوط واضحة تحت جملة [العمل النقابى عمل تطوعى] و لا يجوز التربح منه، بل بالعكس ينفق من وقته و مجهوده و أحيانا من جيبه الخاص على مسئولياته النقابية التى تقتطع جزءا محترما من وقته بلا أى مقابل.

وعندما يتم ذكر دكتور ايهاب يأتى الالمام الشديد بكل القوانين و الأمور الادارية، و عندما بدأت المجموعة تجربتها النقابية كان من المشكلات الحقيقية ادراكنا أن هناك مشكلة تواجه العديد من الأطباء و هى عدم الالمام بتفاصيل الأمور الادارية و القوانين التى تحكم عملهم و حقوقهم و عندما أدرك د. ايهاب ذلك قام بإعداد كتيب رائع بعنوان (اعرف حقك) قام فيه بتلخيص القواعد و الاداريات و القوانين التى تحكم عمل الأطباء الحكوميين لتعريف الزملاء بحقوقهم و واجباتهم أيضا ، الكتيب يشرح ذلك بأسلوب بسيط و قام د. ايهاب بتنقيحه مع التغير المستمر للقوانين حتى يعرف الطبيب حقه بالضبط و يطالب به.

لا يمكن أبدا تلخيص تاريخ سنوات من عمل د. ايهاب الطاهر النقابى عبر سطور مقال عابر فهناك التفاصيل الحقيقية لقصة كفاح متواصلة من 2011 و حتى 2020 منذ تطوير كيان نقابة أطباء القاهرة بعد 2011 مرورا بوقفات نقابية للمطالبة بحقوق الأطباء و اعداد مشروعات قوانين تحسن من بيئة عمل الأطباء -لم ترى النور للأسف- مثل قانون المسئولية الطبية تم تقديمها للبرلمان، وهناك مساندات للزملاء فى اعتداءات على المستشفيات و دعم دائم لشباب الأطباء ولحركات التكليف المتتالية ، هناك مناقشات دائمة لمستجدات القوانين و تعريف الأطباء بها و مخاطبة الجهات المختصة بمقترحات تساند حقوق الأطباء، هناك الآلاف من التفاصيل الصغيرة التى تحتاج للحكى يشهد بها ويدركها كل من تعامل مع هذا الشخص النادر الذى أخلص لتجربته النقابية فأعطى لها سنوات من عمره .. تلك التفاصيل التى هى جزء من التجربة النقابية الأرقى و التى يحتاج تاريخها لتوثيق حقيقي كجزء هام سيصبح يوما ما صفحة هامة من تاريخنا.

سأكتفى بهذا القدر الآن من الكلام عن شخص أكن له قدر هائل من الاحترام و المودة و أعتز بوجدى معه فى تجربة نقابية هى الأهم و الأنظف حتى الآن فى مصر، وأتمنى ممن يدرك قيمة د. ايهاب أن يتكلم عنه بما يكنه له فما أحوجنا الآن للوقوف بجانب كل شخص محترم فى هذا الوطن.

دكتور محمد محمود مقبل
استشارى جهاز هضمى وكبد
 أمين عام مساعد نقابة أطباء القاهرة