fbpx
أهم الأخبارالنقاباتمنتدي الدكاترة

د. جمال ياسين يكتب: اتحاد الصيادلة العرب بين الحقيقة والوهم

في صباح الرابع عشر من شهر يوليه عام 1969أصدر مجلس الأمة المصري القانون رقم 47 بإنشاء نقابة الصيادلة بمصر (حيث كان هذا القانون تعديلا للقانون رقم 62 لسنة 1949) ونشر هذا القانون بالجريدة الرسمية – العدد 30 بتاريخ 24يوليه سنة 1969 موقعا من الرئيس جمال عبد الناصر، ولأن الأخير كان مولعا بالقومية العربية والاتحادات الاقليمية فقد تضمن هذا القانون أهداف النقابة العامة للصيادلة ومنها على سبيل المثال في المادة 2 فقرة (3)تعبئة قوى أعضاء النقابة وتنظيم جهودهم لتحقيق الأهداف القومية وأهداف التنمية الاقتصادية ومواجهة مشكلات التطبيق الاشتراكي، وفي ذات المادة في الفقرة (12) العمل على دعم اتحاد الصيادلة العرب وتحقيق أهدافه.

وإذا كان ما يسمى باتحاد الصيادلة العرب هو موضوع هذا المقال فلابد من وضع النقاط فوق حروفها المناسبة

ولا يمكن لعاقل أن يتنكر لأهمية ودور المنظمات والاتحادات والاتفاقات الدولية والقارية والعربية؛ لدعم وتوطيد العلاقات ونشر الثقافة الدوائية والعمل على تجنيد كافة طاقات العاملين في المجال الطبي لتقديم منتج وخدمة طبية متميزة
لكن ذلك كله لايبيح لأي من كان أن يقفز على النظم القانونية المقررة داخل دولة بحجم مصر ويمارس بها نشاطا من الأنشطة المهنية تحت أي مسمى، ما لم تكن النظم والاجراءات قد أتُبعت ومن خلال القنوات الشرعية، خاصة وأن دولة المؤسسات قد اتاحت هذه الممارسات وحددت الجهات المانحة للتراخيص، والشروط المطلوبة لبدء النشاط وما يتبع ذلك من التزامات تنظيمية إدارايا وماليا ولائحيا، بل وتشددت الدولة فيما يتعلق بالأنشطة التي تضم بين جنباتها عناصر أجنبية لدرء أي خروقات قد تتسرب للأمن القومي من خلالها.

اقرأ أيضًا: اختيار اللواء د. طارق عبد الرحمن رئيسًا لاتحاد الصيادلة العرب

وإذا كان ما يسمى باتحاد الصيادلة العرب هو موضوع هذا المقال فلابد من وضع النقاط فوق حروفها المناسبة، فالصفحة الرسمية لهذا الكيان(كما يزعمون) توصفه بأنه منظمة غير حكومية وهذا مربط الفرس! فالمنظمات غير الحكومية لها اجراءات؛ لا يمكن لها أن تمارس نشاطها داخل البلاد بدونها باعتبارها شروط جوهرية: هذه الشروط عددها قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي رقم 149 لسنة 2019 في الباب الخامس وذلك في المواد من(65)وحتى (75).

حيث قررت المادة 65 أنه” .. لايجوز للمنظمة مباشرة أي نشاط في جمهورية مصر العربية إلا بعد حصولها على تصريح من الوزير المختص” والوزير المختص هو وزير التضامن الاجتماعي، ولكن قبل ذلك هناك دور هام لوزير الخارجية الذي يجب أن تقدم طلبات الترخيص الى وزارته مستوفاه الأوراق والمستندات التي حددتها المادة رقم 108 من اللائحة التنفيذية للقانون 149 لسنة 2019.

وهذه المستندات منها ما يتعلق بالمنظمة الأم مثل: (الترخيص القانوني الذي تعمل به في بلدها الأجنبي- صورة رسمية للائحة النظام الأساسي لها- بيانات اعضاء مجلس إدارتها وتشمل الإسم والجنسية وتاريخ عمله بالمنظمة)، ومنها ما يتعلق بالمنظمة طالبة الترخيص بمصر مثل:( صورة رسمية من لائحة النظام الأساسي لها- بيان بانشطتها ومصادر تمويلها وبرامجها وبروتوكولات ومذكرات التفاهم وغيرها من صيغ التعاون الأخرى أيا كان مسماها- ومشروعاتها على الاراضي المصرية وفقا للنموذج المعد لذلك- شهادة رسمية تفيد بأنها مسجلة وتمارس العمل الأهلي بطريقة مشروعها في بلدها الأم- اقرار من الممثل القانوني بعدم إدراج المنظمة على أي من قوائم الإرهاب الدولية أو الإقليمية أو المحلية- ما يفيد سلامة الموقف الجنائي للأعضاء المؤسسين ومجلس إدارتها- المعاهدة أو الاتفاقية التي تستند إليها في طلب ممارسة نشاطها في مصر إن وجدت..).

ومنها ما يتعلق بالأنشطة التي ترغب المنظمة في تنفيذها ( الأنشطة التي ترغب المنظمة في تنفيذها بمصر- النطاق الجغرافي لعملها- المدة المقترحة لتنفيذ النشاط- الاعتماد المالي المقترح لتنفيذ النشاط- الجهة التي تؤول إليها الأموال التي تتركها المنظمة بعد انتهاء مدة التصريح أو الغائه) وفي كل الأحوال لايجوز للمنظمة مباشرة أي نشاط في مصر إلا بعد حصولها على ترخيص من الوزير المختص بعد موافقة الجهات المعنية.

حيث تقوم وزارة الخارجية بعد أن تتقدم المنظمة بالطلب لها مع نصوص المعاهدة أو الاتفاقية التي تستند إليها في طلب ممارسة نشاطها في مصر، تقوم وزارة الخارجية بارسال صورة من طلب التصريح بممارسة النشاط إلى وزارة التضامن الاجتماعي لإصدار الترخيص النهائي للمنظمة الأجنبية بممارسة النشاط .

وعلى ما تقدم يجب أن يكون للمنظمة لائحة نظام أساسي خاص بالدولة الأم (الأجنبية) معتمدا من وزارة الخارجية وكذلك لائحة نظام أساسي لعمل المنظمة داخل مصر، ليس هذا فحسب بل يجب أن يكون متوافقا مع أولويات المجتمع المصري واحتياجاته وفقا لخطط التنمية ، ووفقا للمادة 68 من القانون يحظر على على هذه المنظمات أن تعمل أو تمول نشاطا يدخل في عمل الأحزاب أو النقابات المهنية ( ونقابة الصيادلة بالطبع من النقابات المهنية!).

هذا من حيث النشاط، أما من حيث النظام المالي فيحظر عليها التعامل المالي بالتحويل أو التمويل أو قبول التبرعات لأي جهة او هيئة أو مؤسسة( كنقابة الصيادلة مثلا) ..إلا بعد موافقة الوزير المختص (مادة 70) ، وتخضع هذه المنظمة لإشراف الجهة الإدارية المختصة حيث تلتزم بتقديم المستندات التالية:( رقم الحساب البنكي والحسابات الفرعية- تقرير انجاز دوري- ميزانية سنوية معتمد من محاسب قانوني- علاوة على أي تقارير تطلبها الجهة المختصة).

وتخضع هذه المنظمة لقانون العمل المصري بخصوص علاقات العمل التي تكون بينه وبين العاملين لديه حتى ولو كانوا أجانب، وبالتبعية يتعقد الاختصاص بأي منازعات تتعلق بعمل المنظمة للقضاء المصري. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن استعانة المنظمة بأي اجنبي سواء خبراء أو عاملين او متطوعين لابد وأن تكون بعد موافقة الوزير المختص.

هذا هو الأساس والنظام القانوني لممارسة ونشاط عمل المنظمات غير الحكومية الأجنبية في مصر ( ويكفي وجود عضو أجنبي واحد في المنظمة ليصبغها بالصبغة الأجنبية وفقا لأحكام القانون الدولي العام)، فأين لهذا الاتحاد الذي يطلق على نفسه تصنيف المنظمة غير الحكومية من تنظيم مالي وإداري، وأين لائحتي النظام الأساسي (الأجنبية والمصرية) معتمدتين من الخارجية المصرية، وأين ميزانياته السنوية وأين تقارير المحاسب القانوني؟ وأين الرقم الضريبي الذي يوضح ما إذا كانت هذه المنظمة هادفة للربح من عدمه؛ لاشك أن كل هذه الاسئلة تصبح هراء إذا كان هذه الكيان غير مرخص وغير مصرح له بممارسة أي نشاط في مصر خاصة وأن المنظمات غير الحكومية لا يجوز لها أن تتعامل مع النقابات المهنية قانونا.

وإذا كان هؤلاء قد اعتمدوا على الفقرة (12) من المادة 2 من قانون إنشاء النقابة بضرورة دعم اتحاد الصيادلة العرب، فلابد أن نوضح أن هذا الاتحاد لم ينشأ بعد وليس له شخصية اعتبارية، وأن هؤلاء لايمثلون إلا كيانا وهميا ويتم التعامل المالي على غير أساس أو لائحة أو ميزانيات معتمدة من الجهات الغدارية المختصة، ولا يجوز بأي حال من الحوال لأي مؤسسة أو منظمة كانت أن تمارس نشاطها في مصر إلا وفقا لأحكام وأسس قانونية وتبعا للتراخيص والتصاريح التي تخرج من رحم الجهة الإدارية المختصة.

والسؤال الذي يطرح نفسه طويلا من هذا الإتحاد الوهمي؟ ولماذا يمارس عمله بالمخالفة لأحكام القانون وأين رقابة الدولة وجهاتها المتمثلة في الخارجية والتضامن الاجتماعي والمالية ممثلة في الضرائب على مثل هذه الممارسات غير المرخصة؟.\

د.جمال ياسين
صيدلى ومستشار قانوني متخصص في التشريعات الطبية

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى