fbpx
أهم الأخبارمنتدي الدكاترة

د. أحمد حسين يكتب: الناس تموت بغياب الأطباء..وتُغيًّب بـ«ميدو»

بعد ظهر يوم السبت أول أيام عيد الأضحى وصلتني رسالة صوتية على واتساب هاتفي المحمول: ( أنا مريت على مستشفى الحسين والأطباء متواجدين والعمل منتظم والمستلزمات متوفرة الحمد لله، وسأكمل المرور على مستشفى سيد جلال وأتابع مع حضرتك )،الرسالة من أحد أساتذة طب الأزهر.

أدركت من محتواها أنها وصلت لي بالخطأ فنبهته، رد عليًّ برسالة صوتية أخرى يهديني التحية ويوضح أنه وأساتذة أخرين يتابعون الوضع في مستشفيات جامعة الأزهر، وشكرني على موقف نقابة الأطباء من طبيب المنصورة، فاليوم السابق الجمعة وقفة عيد الأضحى كنت ووفد نقابي في زيارة لأستاذ أمراض القلب بطب بنها والذي اعتدى عليه أهل متوفية وأحدثوا به إصابات استدعت إجراء 68 غرزة جراحية له.

صدق ميدو فالناس تموت بغياب الأطباء .. وكذب ميدو

ختام أسبوع إجازة عيد الأضحى أعاده الله على الإنسانية باليمن والبركات، وعفى الله أطباء مصر من مآسي معتادة ومتكررة ومتفاقمة..يطل علينا ميدو لاعب الكرة من هاتفه المحمول، وعلى خلفية تاريخه في ملاعب كرة القدم المصرية والأجنبية استكملها بتاريخه على شاشة الفضائيات، مطلقًا سبابًا لأطباء مصر متهمًا إياهم بإنعدام الضمير والقطاع الصحي بأنه “بايظ”.

القصة أن ميدو كان يقضي مع أسرته اجازة العيد بالساحل وعندما أُصيب حماه مريض السرطان بإعياء، حضروا إلى القاهرة ليدخلوه إحدى المستشفيات للعلاج، غضب ميدو أشد الغضب عندما وجد الأطباء الشباب – حسب وصفه الأطباء الصغيرين – ولم يجد كبار الأطباء في المستشفيات الخاصة، وأخيرًا ميدو وجد وساطة لدخول أحد المستشفيات الخاصة بمدينة نصر.

يتساءل ميدو ما حال الغلابة إذن! وأين قرار مجانية علاج الطواريء ويصف ميدو القطاع الصحي في مصر أنه “مفيش سيستم”..يستنكر ميدو على كبار الأطباء قضاء اجازة العيد ويطرح سؤالًا منطقيًا ” هو العيد الناس مش بتتعب فيه، مفهوش مرضى، يعني الناس تموت علشان الدكاترة غايبة” ويؤكد ميدو أن هذا لا يحدث في أية دولة من دول العالم.

صدق ميدو، فالمرض لا يفرق بين أيام الأعياد وغيرها ليهاجم صاحبه، بالتأكيد الناس تموت بغياب الأطباء- بالطبع الأعمار بيد الله -، صدق ميدو، فما حال الغلابة ولماذا لا يطبق قرار مجانية علاج الطواريء، وصدق ميدو فهناك من يجب محاسبته.

وكذب ميدو.. قبيل عيد الأضحى المبارك نشرت الصفحة الرسمية لوزارة الصحة على الفيسبوك، زيارات للقائم بأعمال وزير الصحة د. خالد عبد الغفار لمستشفيات بمحافظات مختلفة للوقوف على حالة الأستعداد الطبي أيام العيد، من هذه المستشفيات مستشفى “العلميين” أحد المستشفيات في طريق عودة ميدو بحماه المريض إلى القاهرة، يقول د. محمود الجبالي عضو مجلس نقابة أطباء الفيوم عن مستشفى العلميين “عملت بها 6 أشهر، بها طواريء 24 ساعة وبها جميع التخصصات فضلًا عن الرعاية المركزة والكلى”، بالتأكيد مر ميدو وحماه أيضًا بالعديد من المستشفيات الحكومية مثل مستشفى الحسين الجامعي الذي كان سيلقى بها أستاذ الطب الذي رؤيتكم لكم رسالته.

كذب ميدو عندما قال أن المستشفيات لا توجد بها أطباء، فهو نفسه يؤكد أنه عند ذهابه إلى المستشفيات الخاصة التي مر بها وأعلن عن إسم إحداها، وجد بها الأطباء الشباب الذي ترجمهم قاموسه إلى”الصغيرين”، وكذب ميدو عندما ادعى أن المستشفيات “الخاصة” لم تقبل حجز حماه، فهو بنفسه قال أنه شاهد مريضًا طلبت منه المستشفى 10 الآف جنيه تأمينًا قبل دخوله.

كان ينتظر أن يتلقاه كبار الأطباء في ممر المستشفى ليلتقطوا معه الصور “السيلفي”

ميدو لم يكن يبغي العلاج فقط لحماه، هناك شيء أخر يسعى إليه المرضى بالشهرة ويعتاده أطباء القاهرة وبالأخص الأسماء الشهيرة منهم هو “الفشخرة”، ميدو الذي اشتهر بأمور كثيرة على غرار البخور، كان ينتظر أن يتلقاه كبار الأطباء- من الي يوزنوا ستين عامًا وبيظهروا في الفضائيات- في ممر المستشفى ليلتقطوا معه الصور “السيلفي” قبل أن يوزعوا الأوامر بالإهتمام بحماه المريض.

ميدو لا يعلم أن شباب الأطباء المصريين خارج مصر هم من يعالجوا من يتمنى ميدو أن يصافحهم، ويسعى بقيتهم في مصر لهجرها حتى لا يرتطموا بإفرازات أفواهًا مثل ميدو.

لا يعلم ميدو أن مقولته الكاذبة بأن المستشفيات لا توجد بها أطباء، ستتحقق سريعًا بأفعاله وأمثاله، ستخلو مصر قريبًا إن استمر هذا المنوال من التعدي والتجرؤ على علماء مصر وأطباءها، أكثر من نصف أطباء مصر هجروها ويوميًا يستقيل 11 طبيبًا من العمل الحكومي.

برغم كل المآسي التي يعيشها الفريق الطبي في مصر ولكن ليس كما قال ميدو، فما زال يوجد بعض النظام “السيستم” الذي يجعل الطبيب يلتزم بعمله سواء بالمستشفى الحكومي أو الخاص، بعض النظام الذي يجعل الطبيب الشاب يمتثل لتعليمات أستاذه، حتى وإن نبع هذا الإلتزام وبعض هذا النظام من أخلاقيات المهنة فقط، فهذه الأخلاقيات تمنع الطبيب من فعل اللاعب الميدو في نهائيات كأس أفريقيا عندما قرر مدرب المنتخب حسن شحاته تغييره..فاقد الشيء لا يصدح بنصح غيره لفعله.

راتب مدرب كرة القدم يوازى رواتب 425 طبيبًا بالحكومة

صدق ميدو، فما يحدث في القطاع الطبي في مصر لا يحدث في أي دولة في العالم..فلا يحدث سوى في مصر أن يكون راتب لاعب كرة قدم الشهري مليون و384 الف جنيه والطبيب المصري ذو الأربعين عامًا راتبه الشهري خمسة الآف جنيه، ومدرب كرة القدم 125 الف دولار في الشهر ما يوازي أكثر 2 مليون و125 الف جنيه، لا يعلم ميدو أن هذا المبلغ يساوي راتب أكثر من 425 طبيبًا بالحكومة متوسط أعمارهم 40 عامًا..يحدث في مصر لأن الأجساد ليس لها ثمن والعقول تُستهدف فتُغيًّب بالكرة، كرة ميدو وضاضا.

قرار علاج الطواريء مجانًا لمدة 48 ساعة هو قرار رئيس الوزراء 1063 لسنة 2014، هو فعلًا حبرًا على ورق، فهل يسأل ميدو رئيس الوزراء عن عدم تطبيقه..هل يجرؤ ميدو أن يوجه السؤال، لماذا في مصر تُنتهك الصحة وتُغًيًّب..هل يجرؤ ميدو أن يطالب بمحاسبة من يستحق الحساب فعليًا!

د. أحمد حسين

عضو مجلس نقابة الأطباء

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى