أهم الأخبارمنتدي الدكاترة

د. أسامة حمدي يكتب: خدمة طبية عالمية بثُلث سعر المستشفيات الخاصة

تطوير المنظومة الصحية المصرية لتصل إلى العالمية.. بأفكار لوطني من خارج الصندوق!
١- هل من الممكن تقديم خدمة طبية عالمية المستوى في مصر؟ الإجابة: نعم.
٢- هل من الممكن إنشاء مستشفيات على أعلى مستوى من الكفاءة، وبأسعار معقولة تماثل أقل من ثلث التكلفة في المستشفيات الخاصة؟ الإجابة: نعم.
٣- هل من الممكن أن يحصل الطبيب المصري على الأجر المناسب الذي يمنعه من الهجرة إلى الخارج، ويعمل في بيئة صحية سليمة تشجع على البحث العلمي والتميز العملي؟ الإجابة: نعم.
٤- هل من الممكن أن نحقق التنمية الصحية المستدامة دون تكاليف باهظة على الدولة؟ الإجابة: نعم.
من تجربتي التي زرت فيها عشرات الدول ومئات المستشفيات في العالم، ودرست أنظمتها المختلفة، أكاد أجزم أن كل ما ذكرت ممكن جدًّا في مصر، وبأفكار من خارج الصندوق.
والفكرة تتلخص -بعيدًا عن التفاصيل الكثيرة التي يمكن مناقشتها باستفاضة- في “المستشفيات الأهلية”، والمستشفيات الأهلية هي مؤسسات “غير هادفة للربح”، تقدم خدمة عالية وعالمية المستوى، وبسعر تكلفتها الحقيقي، وتعتمد ذاتيًّا على نفسها، بأسلوب مختلف تمامًا عن المستشفيات الحكومية، والمستشفيات الخاصة.
والفكرة بوضوح تماثل -إلى حد كبير- ماقامت به الدولة في إنشاء الجامعات الأهلية، حيث تبني الدولة مستشفيات أهلية بنظم عالمية ومتماثلة تمامًا، ومن خلال بيوت خبرة عالمية متخصصة في تصميم المستشفيات (وأعرف منها الكثير)، وتمدها بأحدث الأجهزة الطبية والمعامل (ممكن عن طريق الإيجار والصيانة من الشركات الأم)، ثم تسلمها إلى إدارة واعية من خلال مجلس أمناء من الكفاءات الصحية لتديرها، وتسعّر الخدمة فيها “بحرية تامة”، وبدون قيود، ولا تهدف إلى الربح، بل تستثمر أرباحها في تطوير الخدمة بها، ومكافأة الأطباء والعاملين فيها عن الإجادة، وتصل هذه المستشفيات خلال عدة سنوات إلى الاكتفاء الذاتي التام، وتسدد قرضها للدولة على ١٠ سنوات، بعد فترة سماح قدرها ٥ سنوات، وما على الدولة خلال هذه الفترة سوى تقديم الصيانة الدورية للمستشفى والأجهزة.
وتطلق الدولة العنان لهذه المستشفيات لتتنافس بشدة فيما بينها في تقديم خدمة طبية مميزة وعالية المستوى، دون أدنى تدخل من الدولة، حيث تتبع هذه المستشفيات هيئة استثمارية منفصلة هي “هيئة المستشفيات الأهلية”، التي تضع القوانين العامة دون التدخل في إدارة هذه المستشفيات، وتتعاقد على الأدوية بخصم كبير لجميع مستشفيات الهيئة، وتترك الهيئة لمجلس الأمناء الإشراف التام على إدارة المستشفى، وتعيين مديريها بأسس سليمة تشترط مؤهلات الخبرة والإدارة.
ومن الممكن أن تُسهم هذه الهيئة في تقديم منح دراسية لطلبة كليات التمريض والخدمات الصحية المساعدة، مع شرط العمل عدة سنوات في مستشفيات الهيئة.
مزايا هذا النظام:
١- التكلفة على المريض أقل بكثير من المستشفيات الخاصة، فلا يدفع المريض ثمنًا للأسرَّة، أو مقابل لاستخدام الأجهزة؛ وإنما يدفع فقط الأجر الذي تحدده إدارة المستشفى للأطقم الطبية، والأدوية والمستلزمات الطبية، ومصاريف التشغيل.
(معمول بهذا في سنغافورة وتايوان)
٢- ربحية المستشفى تستخدم فقط في تطوير الخدمة بها لتقارب المستوى العالمي، وبحريّة إدارية تبغي أولًا المصلحة العامة، وتتنافس فقط في الجودة والإتقان.
(معمول بهذا في الولايات المتحدة)
٣- ستعطي هذه المستشفيات الأجر المناسب للأطباء الأكفاء، والأطقم الطبية المميزة مقابل العمل المباشر بتعاقد سنوي يغنيهم عن العيادات الخاصة، وحسب قانون العرض والطلب.
(معمول بهذا في معظم الدول الغربية، وجنوب شرق آسيا، وبعض دول أمريكا اللاتينية).
٤- تتعاقد هذه المستشفيات مع التأمين الصحي والتأمين الخاص بما يحقق مصلحة المستشفى، وبحرية إدارية كاملة، ودون التزام بقيود مسبقة في تسعير الخدمة.
(معمول بهذا في كوستاريكا وفي أمريكا)
٥- تسدد هذه المستشفيات مديونتها للدولة على ١٠ سنوات، بعد فترة سماح مدتها خمس سنوات، أو ربما تعفيها الدولة من الدين إذا أرادت مقابل نسبة من تكلفة العلاج على نفقة الدولة.
(معمول بهذا في سنغافورة)
٦- تعفي الدولة هذه المستشفيات تمامًا من الضرائب؛ لخفض تكلفة العلاج في هذه المستشفيات.
(معمول بهذا في كثير من الدول)
٧- في المقابل، تقدم المستشفيات الأهلية من ١٥ إلى ٢٠٪؜ من خدماتها مجانًا تمامًا لمن لا يستطيع، بعد دراسة الحالة الاجتماعية، وبالجودة نفسها، من صندوق خاص للمستشفى.
(معمول بهذا في الولايات المتحدة وبعض الدول)
٨- تصبح هذه المستشفيات مستشفيات تعليمية تتعاقد مع الجامعات لتدريب طلابها وخريجيها، وأطباء وزارة الصحة، بتعاقد حر مع هذه الجهات؛ لتخفف بذلك الضغط على المستشفيات الجامعية.
(معمول بهذا في الولايات المتحدة وكثير من الدول)
٩- تقوم هذه المستشفيات بالأبحاث الطبية العالية المستوى، وتُكافَأ من الدولة ومن هيئة المستشفيات الأهلية على حجم ومستوى نشر هذه الأبحاث وتطبيقها العملي.
(معمول بهذا في الصين)
١٠- يتم الفصل من خلال هذه المستشفيات بين مقدم الخدمة (المستشفيات الأهلية) ومراقب الخدمة الذي يدفع إليها (التأمين الحكومي والتأمين الخاص).
(معمول بهذا في الولايات المتحدة)
هذا النظام إذا طُبِّق، سيقدم خدمة عالمية المستوى، وبأقل من ثلث أجر المستشفيات الخاصة، ويحقق رفاهية الأطقم الطبية، ويخدم المجتمع كله، ويُسهم في تحقيق الأمن الصحي للوطن، ومن الممكن أن تبدأ هذه المستشفيات مرادفة للجامعات الأهلية أو قريبة منها. من المهم أن نفهم أن هذه المستشفيات ليست بديلة عن المستشفيات الحكومية الحالية، ولكنها بديلة عن المستشفيات الخاصة الهادفة إلى الربح، والعالية الكلفة، مع تقديم خدمة طبية أفضل وأرقى بمراحل، بأسلوب علمي وحضاري.
لديَّ المشروع بالكامل، وبجميع تفاصيله، وهو قابل فورًا للتطبيق إذا أرادت الدولة المصرية ذلك.
د. أسامة حمدي
أستاذ السكر بجامعة هارفارد
اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى