د. أسامة حمدي يكتب: التعديل بداية جيدة.. ولكن يبقى أربعة لا يقلون أهمية
بعد ما كتبت وكتب غيري من الأطباء بوضوح، وبعد مجهود كبير من نقيب الأطباء وفرسان النقابة، وافقت لجنة الصحة بمجلس النواب على تغيير مسودة مشروع المسؤولية الطبية ولغت مادة الحبس للخطأ الطبي وتشكر لذلك.
لتصبح مسودة القانون المقترح “يعاقب بغرامة لا تقل عن 100 الف جنيه، ولا تزيد عن مليون جنيه ،كل من ارتكب خطأ طبي سبب ضرر محقق لمستحق الخدمة. وتكون العقوبة لا تقل عن الحبس سنة ولا تزيد عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 الف جنيه ولا تزيد عن مليون جنيه اذا وقعت نتيجة (خطأ) طبي جسيم”
ورغم أن التغير بداية جيدة، لكن يبقى أربع نقاط لا تقل أهمية:
– أولاً: ما يطلق عليه القانون خطأ طبي جسيم، يطلق عليه الغرب “اهمال جسيم” Gross Negligence والإهمال ليس خطأً ولا يعرف بذلك ولكنه إهمال. ورغم أن الدعوة القضائية فيه في الأصل مدنية؛ أى يُحكم فيها بالتعويض فقط، الا أنه في حالات معدودة جدًا لا تتعدى ربما ١٠٪ يعتبر جريمة، ويحيلها القاضي لجريمة اذا رأى ذلك، ولكن هذا القانون المقترح يعتبرها من البداية جريمة تستحق الحبس في جميع الأحوال!
– ثانيًا: يجب التفرقة بوضوح، كما ذكرت في مقال سابق، بين الخطأ الطبي medical malpractice والإهمال الطبي الجسيم Gross negligence وتعمد الايذاء Intentional harm، فالأخير هو فقط الجريمة المتكاملة الأركان، فالتعريفات هنا مهمة جدًا للثلاثة حتى لا تختلط الأمور والتفسيرات.
– ثالثًا: المحكمة تحكم بالتعويض للمجني عليه، وليس “الغرامة” عند الخطأ الطبي، فالطبيب لم يخطأ في حق الدولة، ولكنه أخطأ في حق المريض، فالدولة تأخذ المصاريف القضائية للدعوى فقط، ويأخذ المريض أو أهله التعويض المحكوم به.
– رابعًا: يجب النص أن التعويض تدفعه بالكامل شركة التأمين (فالتأمين ضد مخاطر المهنة تأمين اجباري)، أو تدفعه المستشفى التي يعمل بها الطبيب، لا الطبيب نفسه. فالطبيعي أن شركة التأمين ترفع على الطبيب المخطئ أو على مستشفاه قسط التأمين وهذا يكفيه كعقاب.
لذا فإن التعديل المقترح يجب أن يصبح “يعاقب بغرامة تعويضية (تدفع للمريض أو أهله في حالة الوفاة) لا تقل عن 100 الف جنيه، ولا تزيد عن مليون جنيه ،كل من ارتكب خطأ طبي سبب ضرر محقق لمستحق الخدمة ويدفعها بالكامل التأمين الإجباري للطبيب أو المستشفى التي بعمل بها. وتكون العقوبة غرامة تعويضية لا تقل عن 500 الف جنيه ولا تزيد عن مليون جنيه اذا وقعت نتيجة “إهمال” جسيم أو تعمد الإيذاء، وقد تصل العقوبة للحبس مدة لا تزيد عن خمس سنوات اذا تيقنت المحكمة من تعمد الإيذاء”. بالطبع يحتاج هذا الاقتراح المعدل لصياغة قانونية منضبطه.”
أعتقد أنه يجب على الجمعية العمومية للأطباء أن تطالب صراحة بهذه التعديلات، فالبداية في قبول التغيير جيدة، والتوافق بين الجميع مهم، ومصلحة المرضى والأطباء هى الغاية.
د. أسامة حمدي
أستاذ السكر بجامعة هارفارد