د. خالد عمارة يكتب: قانون المسئولية الطبية.. نصائح للأطباء والمرضى

في المجتمع الطبي المصري هناك كلام كثير حول ما يسمى: مشروع قانون المسؤولية الطبية، وبما أنني كنت مسؤول لفترة طويلة عن لجنة آداب المهنة و التحقيق في الشكاوى الطبية .. فلدي بعض النصائح للمرضى و الأطباء.

نصائح للمرضى

المرضى يقومون بتقديم شكوى في أي طبيب لسببين لا ثالث لهما

1 الإنتقام من طبيب يشعر المريض بالكراهية نحوه لأنه يعتقد أنه السبب في ضرر صحي ما له

2 الطمع في بعض التعويضات أو المال

وفي كلا الحالتين يجب أن يعرف المريض الثلاثة حقائق التالية

–  المستفيد الوحيد من هذه القضايا و الشكاوى هو المحامي

–  99% من الشكاوى التي يتقدم بها المرضى يتضح أن الطبيب غير مخطئ.. ويتم حفظها بعد التحقيق بواسطة الطب الشرعي و المتخصصين .. لأن حدوث مضاعفات وارد في أي مرض و أي علاج و مذكور في الأبحاث .. وحدوث مضاعفات لا يعني بالضرورة أن الطبيب هو السبب

– المريض الذي يدعو الله سبحانه و تعالى أن يتم له الشفاء … يكون في الإحتياج للمساعدة و الدعاء و عمل الخير .. بينما من يسير في طريق القضايا والمحاكم لا يصل الى شيء غير المزيد من والكراهية والصراع والخسارة والظلم والشر

نصائح للأطباء

أولًا: الطبيب الطبيعي (و هذا يشكل 99% من الأطباء) يسعى بل و يتمنى شفاء كل مريض يعالجه .. فهذا جزء طبيعي من مهنته ونجاحه وسمعته

ثانيًا: أن الطبيب يكون مسؤول و متسبب في إهمال طبي يعاقب عليه القانون في حالتين:

– الإهمال: يعني عدم تطبيق خطوات العلاج الموصوفة في الكتب أو الأبحاث العلمية
– الجهل: يعني طبيب متخصص في النساء و التوليد مثلا يقوم بعمل جراحة مخ و أعصاب .. أو طبيب باطني يقوم بعلاج مرض نفسي مثلا !! .. يعني طبيب يفتي في غير تخصصه وينتج عن هذا ضرر للمريض

ثالثا: لذلك لو تعرض طبيب لموقف الشكوى الطبية فعليه تجهيز الآتي قبل الذهاب إلى جهات التحقيق .. سواء وكيل نيابة أو مسؤول في وزارة الصحة أو لجنة آداب المهنة في نقابة الأطباء

1 – تحضير كل تفاصيل التعامل مع المريض منذ لحظة المقابلة الأولى الى آخر مرحلة في العلاج .. تفاصيل مكتوبة بالتواريخ والمستندات .. ويفضل أن تكون مكتوبه بالعربي والإنجليزي
كي يوضح أنه قام بكل ما عليه من الخطوات الصحيحة في العلاج

2 – مراجع علمية أو أبحاث أو صفحات من كتب تثبت أنه يتبع القواعد العلمية في العلاج الذي قام به (ويفضل ان يصاحب هذه المراجع ترجمة بالعربية كي يفهمها غير المتخصص )

3 – مراجع علمية توضح نسبة المضاعفات المتوقعة في هذا النوع من العلاج أو المرض ( ويفضل ان يصاحب هذه المراجع ترجمة بالعربية كي يفهمها غير المتخصص)

4 – ملف بشهادات الطبيب التي تثبت أنه متخصص في علاج هذا النوع من الأمراض أو أن هذا المرض يقع في دائرة تخصصه.

وهذه المستندات حين تكون جاهزة من البداية .. ويتم عرضها بصورة محترمة أمام المحقق .. سواء وكيل نيابة غير متخصص أو طبيب الطب الشرعي أو مسؤول وزارة الصحة متخصص … أو غيرهم … عادة تتضح الصورة بسرعة و توفر على أغلب الأطباء مشوار طويل من الصراعات و إبتزاز المحامين.

ويجب أن يعرف الطبيب أن أهم سبب للشكاوى من المرضى لا يكون خطأ طبي .. لكنه سوء التفاهم أو عدم فهم المريض وأهله لطبيعة المرض .. سوء الفهم وعدم التواصل الصحيح .. سواء بسبب أن الطبيب المعالج لم يستثمر وقت كافي في شرح الحالة و التواصل مع المريض .. أو بسبب أن أحد زملاء الطبيب قال كلام سيء عنه كنوع من تصفية الحسابات في صراعات تافهة بين الزملاء !!!!

في النهاية .. العلاقة بين الطبيب و المريض .. كلما تدخلت فيها أطراف أخرى، كلما فسدت العلاقة وتزايد تعقيداتها .. وفي هذه التعقيدات فإن الخاسر الأول هو المريض و الطبيب.

المريض الذي يبحث عن العلاج والطبيب الذي يبحث عن النجاح في العلاج !

وللأسف في الفترة القادمة سوف يتفادى الكثير من الأطباء التعامل مع الكثير من المرضى لتجنب الصداع والمشاكل المحتملة !!
… و لا يستطيع أحد أن يلومهم ..
وسوف تتزايد هجرة و هرب الأطباء من مصر ..
والضحية في كل هذا هو المريض المسكين المحترم الذي يبحث عن من يساعده

مصر ضحية تجار الشعارات أو من يعملون على تهييج العوام و الغوغاء ببعض القصص و المبالغات و الأكاذيب في الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي.

د. خالد عمارة

أستاذ جراحة العظام بطب عين شمس