أهم الأخبارمنتدي الدكاترة

د. محمد مقبل يكتب: قانون حبس الأطباء هو نفسه قانون قتل المرضى

منذ سنوات والأطباء يطالبون بقانون يسمى قانون المسئولية الطبية لكى يمارسون مهنتهم بقدر من الأمان الذى يحميهم ويحمى المريض كذلك ..

الفكرة ببساطة أن الطبيب لا يملك ضمانا لنجاح إجراءاته الطبية و كذلك هناك مضاعفات طبية محتملة للمرض نفسه وكذلك الإجراءات الطبية، زاد فى السنوات الأخيرة اتهام الأطباء فى قضايا مهنية تخص ممارستهم للمهنة يستغلها أحيانا بعض محامين التعويضات و كذلك بعض النفوس المريضة من أهل المرضى لابتزاز الأطباء.

والحل تم الوصول له فى كل دول العالم تقريبا إلى قانون بسيط يجعل هناك لجنة علمية تقرر مدى خطأ الطبيب المهنى فلو لم يكن هناك خطأ وهى مجرد مضاعفات طبية محتملة فلا شئ على الطبيب، ولو كان هناك خطأ طبى بسيط هناك تعويضات تدفعها شركات تأمين ويتحمل التأمين المؤسسات التى تقوم بتشغيل الطبيب، أما لو هناك جريمة فهنا وهنا فقط يتم تحويل القضية للقضاء ..

الأمر عندنا مقلوب للاسف ونحن لا نخترع العجلة فى المطالبة بقانون المسئولية الطبية، المصيبة هنا أن يحدث العكس فبدلا من صدور قانون يحمى الطبيب و يعطيه المساحة الآمنة لممارسة مهنته وكذلك يحمى حق المريض، بدلا من ذلك يصدر قانون يقنن حبس الأطباء فيسمح بحبس الأطباء فى القضايا المهنية ولا يلزم القضاء برأى اللجان العلمية بل يجعلها استشارية مما يفقدها جدواها، هذا القانون الكارثى إن مر فذلك لن يعنى فقط تقنين حبس الأطباء فى القضايا المهنية ولكن يعنى الدعوة إلى قتل المرضى كذلك ..

ببساطة أيضا الطبيب مهما كان لن يعرض أمانه الشخصى للخطر، هناك حالات خطرة وصعبة والتعامل معها فى منتهى الخطورة وخصوصا فى ظل إمكانيات صحية عليها علامات استفهام كثيرة سواء فى المستشفيات الحكومية أو المستشفيات الخاصة للطبقة المتوسطة بعيدا عن المستشفيات الفاخرة للطبقة الغنية، بعد صدور القانون مباشرة لن يقوم طبيب واحد بالتعرض لهذه الحالات الصعبة والخطرة والمتوقع فيها نسب شفاء غير عالية، سيتم فقط التعامل مع هذه الحالات بالشكل المثالى لإنقاذ الحياة ثم تحويل المرضى إلى مستشفيات أخرى.

حرفيا لن يجد مريض من الطبقة الفقيرة والمتوسطة طبيب يغامر بالتعامل مع حالة صعبة نسب شفاءها غير عالية ليجد نفسه متورط مع محامى تعويضات يبتزه، ستتدهور تلك الحالات إما فى المنازل أو فى قوائم انتظار المستشفيات الجامعية الكبيرة التى أصبحت عاجزة عن استيعاب الحالات الصعبة.

هذا القانون سيؤدى إلى قتل المرضى بينما يقف الطبيب مكبل اليدين عن تقديم الخدمة الصحية خشية التعرض للحبس أو الابتزاز المادى وتعريض سمعته للخطر.

سينتعش ما يسمى بالطب الدفاعى و هو أن يطلب الطبيب كافة الفحوصات والتحاليل لحماية نفسه قبل أى إجراء وفى ظل الظروف الاقتصادية الحالية سيجد المرضى نفسهم مطالبين بدفع آلاف الجنيهات فى فحوصات وتحاليل قبل أن يقبل طبيب التعامل مع حالته و الأخطر هو عدم توافر بعض تلك الفحوصات إلا فى أماكن معينة ومراكز طبيبة بعيدة و غير متاحة، حرفيا بصدور هذا القانون سيموت آلاف المرضى لأنهم لن يجدوا الطبيب الذى يغامر بالتعامل مع حالاتهم وأشك أن يكون هذا هو هدف المشرع …

هل منكم رجل رشيد يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح فلا ينجر إلى حملات التعبئة ضد الأطباء لتحميلهم مسئولية قصور الخدمة الصحية فى مصر؟ هل من الصعوبة نسخ أحد قوانين المسئولية الطبية من الدول المتقدمة أو دول الجوار دون وضع (التاتش) الذى يفسد فلسفة القانون فيحبس الطبيب ويقتل المريض؟

د. محمد محمود مقبل
استشارى الجهاز الهضمى والكبد والمناظير
و أمين عام مساعد نقابة أطباء القاهرة سابقا

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى