fbpx
أهم الأخبارالعيادة

اليرقان النووي والتخلف العقلي عند الأطفال

كان أحمد مولوداً جميلاً معافاً، فأصابه اليرقان (الصفراء) في يومه الثالث، وهو ما يحدث لأغلب المواليد.
 
ولأن أكثر الأسباب شيوعاً هي الصفراء الطبيعية والتي تنبع من عدم اكتمال نضج الكبد وغالباً ما تمر بسلام، ولأن معظمنا يجنح إلى الاستسهال وراحة البال ولا نعير لما يؤرقنا أو يجهدنا اهتماماً، أصبح أحمد معاقاً، لأن الصفراء الطبيعية تحولت إلى “النووية” أو “الكيرنكترس” نتيجة ارتفاع حاد في نسبة البيليروبين، تلك المادة الصفراء التي تنتج عن تكسير أو تحلل خلايا الدم الحمراء من مادة الهيموجلوبين التي تكسب تلك الخلايا لونها الأحمر لتصل إلى معدلات أعلى من تلك الطبيعية بكثيرٍ فأصبح أحمد خاملاً، فاقداً للشهية، وبمزيدٍ من الاستهتار، داهمته تشنجات متكررة وشلل دماغي وحركاتٍ لا إرادية في عضلات الوجه وكذلك الأطراف مع تيبسها وصمم عصبي وذلك لدخول هذا البيليروبين المرتفع خلايا المخ وترسبه بها واصطباغها به فتعطلت وظائفها وتلفت.
 
ولو أن والدي أحمد إنتبها لإزدياد شدة الصفراء في أعين وجلد وليدهما ولو أنهما لم يستسلما لخوفهما من أن يؤخذ منه دم لإجراء تحليل الصفراء عدة مرات لمتابعتها لاكتشاف بداية ارتفاع البيليروبين حتى يسهل علاجه، ولم ينصاغا لمشورة المعارف والأقرباء من أنها صفراء طبيعية، تذهب خلال أيام، ولو أنهما وجدا طبيباً أخلص لهما النصح، وأوضح بالتفصيل خطورة تجاهل متابعة الصفراء وحدثهما عن اليرقان النووي، لما أصيب به أحمد، ولما كان معاقاً الآن، لأن علاجه الوحيد هو تفاديه.
 
وهناك ألف، بل مليون أحمد، كانت قلة الحيلة والروتين وانتظار الدور في المستشفيات أسباباً أخرى وراء إعاقتهم وإعاقة المجتمع بهم، وهناك سيناريوهات أخرى لإعاقات مختلفة، متعددة الأسباب، كان أبطالها دائماً الجهل والاستهتار.
 
بقلم د. آمال صبري
 استشاري طب الأطفال والتغذية العلاجية
 
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى