الدكتور جمال ياسين يكتب: “جدليات” الجمعية العمومية للصيادلة
ينتظر صيادلة مصر جمعية عمومية عادية في الرابع من يونيو 2016، هذه الجمعية حبلى بالجدال وعلامات الاستفهام، خاصة وأنها تأتى في وقت يعد بمثابة اختبار لمجلس نقابة الصيادلة، والذى انتخب في مطلع عام 2015بعد عقود من سيطرة تيار الإخوان على النقابة، ولاتزال هناك ملفات عالقة يجزم الكثير من أعضاء المجلس الحالي أنها غائبة عنهم وليس من السهل فك رموزها.
وما يزيد الأمر تعقيدا، أن الميزانية المطروحة على الجمعية العمومية هذه المرة تخص عامي 2013 و2014 وهذا ما يجعل المهمة عسيرة، خاصة وأنه لاتزال هناك ميزانيه غائبة لعام 2015 على فرضية إفلات وتمرير موازنتي 2013و2014.
لكن أغلب ما يثير الجدال علاوة على ما سبق، يتعلق بموعد انعقاد الجمعية والموضوعات المزمع مناقشتها وماذا لولم يكتمل النصاب القانوني ؟
فإذا كانت الفتوي والتشريع قد أفادت بأن موعد الانعقاد في شهر مارس هو موعد تنظيمي وليس إلزاميًا خاصة وأن نص المادة 15 من قانون 47 لسنة 1969 بشأن إنشاء النقابة لم يأت جازمًا بالوجوب.
لكن ما تجدر الإشارة إليه أن المادة 16 من القانون ذاته جاءت حازمة جازمة في تحديد النصاب فيما يخص الانعقاد الأول والثاني، إذ ثار جدل في اجتماع مجلس النقابة والذى انعقد بتاريخ 20|5 والذى تم فيه الاتفاق على الدعوة للجمعية العمومية فيما لو لم يكتمل النصاب .. هل تؤجل الجمعية أم يتم عقدها في ذات اليوم ؟.
فعلى حد زعمهم أن القانون حدد الانعقاد الثاني خلال 21 يومًا، ولم يحدد يومًا بذاته وعلى ذلك وفق ما دار بينهم يمكن عقدها في ذات اليوم بالنصاب الأقل، وهو حضور مائتي عضو، وجاء نص الدعوة وفقًا لذلك (إذا لم يكتمل النصاب تؤجل الجمعية لمدة ساعة ؟؟؟؟)
ونظرًا للتخبط القانوني الذى حل بمعظم مفاصل النقابة والاجتهادات الشخصية في موضوعات ليس من الحصافة النظر إليها بهذا الحد من الإشفاق حتى لا تهدر مقدرات النقابة ومجهوداتها تحت وطأة التهاون والاستهتار، فالمادة (16) المشار إليها تحدثت عن التأجيل لمدة ساعة لاستكمال النصاب القانوني المقرر وهو حضور 500 عضو، ولم تشر الدعوة لانعقاد ثان إلا بعد التأكيد على عدم اكتمال النصاب بعد ساعة، ومن حقنا نتساءل: هل يمكن التأجيل لساعة ثانية أو ثالثة بدعوى أن يوم انعقاد الجمعية هو من جملة ال 21 يوما التي وردت في نص المادة (16)؟؟؟
هنا نجيب فورًا بالنفي ونورد مبررات لهذا النفي:
1-أن المشرع جاء بكلمة (دعيت الجمعية إلى الاجتماع ثانية في ظرف 21 يوما) وكلمة دعيت تتضمن الإعلان وليس التأجيل أو الإرجاء.
2-أن المشرع استخدم تعبير الأيام وليس الساعات .. ومن المعروف أن يوم انعقاد الجمعية الأول لم يتبق منه سوى جزء من اليوم وليس يوما كاملًا، فليس من المنطق اعتباره يوما يبدأ احتساب ال 21 يوما من بدايته، بل من بداية اليوم الثاني قياسا على احتساب المواعيد القانونية والقضائية ومواعيد التقادم كما هو معمول بها في فقه المرافعات .
3-المادة 11 من اللائحة جاءت صريحة بالتأجيل لمدة أسبوعين ومعنى ذلك أن بالتوفيق بين القانون واللائحة فإن التأجيل يتم لمدة لا تقل عن أسبوعين ولا تزيد عن21 يوما.
ومع ذلك فمتى عقدت قبل أسبوعين فهي صحيحه وفقا للقانون ومتى عقدت بعد 21 يوما فهي باطلة لمخالفتها للقانون.
لكن ذلك لا يسوغ انعقادها مرة أخرى في ذات يوم الانعقاد الأول باي حال.
وثالث هذه الجدليات هو ما أثير في ذات الجلسة أو في الغرف المغلقة للنقابة حول اعتزام الجمعية إصدار قرار بالزام كل من ينتوي الترشح للنقابة العامة من أعضاء النقابات الفرعية أن يتقدم باستقالته أولا وهذا الأمر يعود بنا للمربع رقم 1 وهو نقطة الصفر كما يقولون , فالجمعية العمومية في كل الأحوال تصدر توصيات وليس لها أن تصدر قرارات ملزمة إلا فيما عقده لها القانون من اختصاصات بموجب الفقرات 7،5،4،2،1من المادة 19من القانون .
أما بخصوص الفقرة 3 والخاصة بإقرار اللائحة الداخلية فلا يكون لها أثر إلا بعد صدور قرار وزاري بها ، وفيما يتعلق بالفقرة 6 وهي المتعلقة بالموضوعات التي يرى مجلس النقابة عرضها عليها فالمشرع أعطى الجمعية فقط حق النظر فيها وإصدار توصيات بمعنى أنها متى كانت قابلة للتنفيذ دون مخالفة قانون أو لائحة نفذت وإلا كانت غير ملزمة ولا قيمة لها .
وعلى ضوء ذلك :هل يحق للجمعية العمومية الزام كل من يرغب في الترشيح لمجلس النقابة العامة أن يستقيل من عضوية النقابة الفرعية متى كان لا يزال عضوا بها ؟
إذا رجعنا في ذلك إلى شروط الترشيح الواردة بالمواد 20 , 23 من القانون نجدها محصورة في التسجيل وتسديد الاشتراكات والإقامة في المناطق بالنسبة لمرشحي المنطقة , وشروط السن بالنسبة لمن هم دون أو فوق السن, وكذلك اشتراط أن يكون النقيب فوق السن علاوة على عدم جواز الجمع بين الترشيح لمجلس النقابة العامة والنقابة الفرعية في وقت واحد , كما يشترط عدم صدور قرارات تأديبية تمس بقاءه في الجدول .
ومن جماع ما تقدم فإنه ليس من بين الشروط أن يتقدم باستقالته فيما لو كان عضوا في نقابة عامة أو نقابة قرعية لأن الحظر واقع على فعل الترشيح وليس على صفة المترشح والفارق بينهما كبير.
كذلك ليس من حق الجمعية العمومية أضافة شروط أو انتقاصها لأن الجمعية العمومية تأتمر بأمرالقانون وتلتزم باللائحة , وهى ليست جهة تشريع ولا تعديل للقانون وإنما هي منتدى يجتمع فيه أعضاء المهنة يتداولون مشاكلها ويعملون على حلها …
ومتى كان هناك اتجاه لذلك أي لطرح مثل هكذا شرط فلا يعول عليه, إذ هو والعدم سواء ولا يعتد به.
وإن ما أصاب المهنة في مقتل وجعلها هينة على الآخرين هو ذلك الفكر الركيك الذى ينطلق بين الحين والآخر من لدن بعض أعضاء مجلسها كاشفا عن غياب الفكر القانوني والعمل التنظيمي في ظل انقسامات لم تشهدها النقابة منذ عقود ؟
الأمر الذى انعكس بآثاره السلبية على مصالح أبناء المهنة الذين قارب عددهم المائتي الف وقاربت حجم اقتصادياتهم الخمسين مليارا وتزداد المعوقات أمام المهنة وأبنائها يوما بعد يوم.
الدكتور جمال ياسين متخصص في التشريعات الطبية والنقابية