fbpx
أهم الأخبارمنتدي الدكاترة

الدكتور محمد مقبل يكتب: تصحيح وعى .. «الصحة» ليست من مصارف الزكاة

“الصحة” في الدول المدنية خدمة يتم تقديمها عبر نظام تأمين صحي تكافلي وتتحمل الدولة جزء محترم من الانفاق علي الصحة من موازنتها.

من التشوهات الادراكية التي حدثت في مصر في العقود الأخيرة هي جمع أموال الزكاة والصدقة عبر حملات إعلانية ضخمة ومحترمة تصل ذروتها خلال شهر رمضان من أجل مشاريع صحية متكاملة قائمة بذاتها، بدأت القصة بمستشفي 5757 ثم انتبه الباحثون عن جيوب المصريين إلى القصة فتوالت المشاريع.

وهنا ولأن الأمر يتطلب إلى أقصى قدر من استدرار العواطف والتأثير النفسي فكانت كل المشاريع تتجه إلى الأمراض الشديدة الوجع والفئات العمرية التى تثير العاطفة فكانت معظم تلك المشاريع عن أورام الأطفال، مستشفي القلب لمجدي يعقوب تركزت علي عمليات قلب الأطفال، مستشفي بهية لأورام السيدات، مستشفي أهل مصر للحروق والحوادث، مستشفي الأورام 500500 ، معهد الاورام.

وهنا نلفت النظر للأمور البديهية التالية:

– الصحة في نفسها ليست من مصارف الزكاة بل الزكاة لفئات معينة علي رأسها الفقراء والمساكين، ولكن تقديم الصحة في الدول الحديثة يتم عبر نظم صحية تمولها نظم تأمين صحي يدفع من خلاله المواطن اشتراك ويحصل علي الخدمة وقت احتياجها وتلتزم الدول بالانفاق على الصحة من ميزانيتها، وارتباط الصحة بالزكاة هو من خلال خلل انفاق الدولة علي الصحة، فأصبحت مستشفيات الحكومة هى من أهم مظاهر تجمعات الفقراء مع قصور وتدني الخدمة مع عدم التزام الدولة بالانفاق الصحي وعدم التزامها بتوحيد معايير تقديم الخدمات الصحة للمواطنين.

وهنا ظهرت الفكرة الجهنمية التي نجحت فتم اعادة اصدارها بنسخها المختلفة لجمع أموال الزكاة لانشاء مؤسسات صحية، فيرفع الحرج عن الدولة ويرسخ في المجتمع عدم التزام الدولة بالنظم الصحية والانفاق الصحي وبالمرة يجمع أموال محترمة لا يمكنك أبدا مراقبتها، وهنا ننبه إلى أن جزء محترم من أموال الزكاة يذهب لشركات الدعاية.

– فقراء المصريين المحتاجون لرعاية صحية ليست فقط أمراضهم هي السرطان، وإن كانت الأورام بالفعل احتياج صحي مؤلم، لكن اختزال المشكلات الصحية للسرطان فقط هو من نواتج تلك التشوهات، لأن جامعي أموال الزكاة يحتاجون إلى لافتات تستدر عطف أصحاب الأموال، فكان التركيز ليس علي المشكلات الصحية بنسب انتشارها، ولكن علي الموجع منها.

هنا ننبه إلى أن فقراء المصريين يحتاجون لرعاية صحية بدءا من الرعاية الأولية، ومرورا بالأمراض الأكثر انتشارا كمرضي السكر والضغط والقلب والكبد ورعاية وأدوية مزمنة، وصولا إلى احتياجهم لعمليات جراحية مختلفة، وصولا إلى الامراض الدقيقة، وحالات الطوارئ والرعايات والحضانات.

وهنا يجب الانتباه إلى أن الصحة يجب أن تكون التزام دولة بانفاق + نظام تأمين شامل وعادل وتكافلي، أما الزكاة والصدقات نفسها فتحتاجها المستشفيات التى لا يمكنها عمل اعلانات والدولة لا تلتزم بالانفاق عليها وتنميتها بينما تذهب الزكاة والتبرعات إلى مؤسسات أخري تجيد الدعاية و “التسول” بالسرطان والاطفال في اشكالية مريرة.

الدكتور محمد مقبل

عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى